وانه الولد النابه لأبي احمد النقيب أجل رجال العاصمة، وإلا شاعريته التي يخطبها كافة عظماء وقته إشاعة لكرامتهم واشهارا لعظمتهم. هذا غير ما تولد له أخيرا وتوطد من الجد بأعمال الإدارة، والقدرة على تصريف الرأي العام كما يشاء، وكأن نشأته وتربيته وأسرته تقربه إلى قصور الملوك والأمراء والى رجال الدولة في دواوين الشورى والحكم.
ولئن كانت الغاية المحمودة تبرر الواسطة، فما من منقصة لو كال شعره لهم ليربح مودتهم ويسخرهم في تنفيذ أغراضه، مع الاحتفاظ بكرامته، لان تلك التهاني في المواسم وتلك المراثي وتلك المدائح التي تعلوها الروعة والوقار، ممتزجة بروح قوية من نفسه الصعبة المراس التي تأبى الملق والتبصبص لأبعد غاية، ولذلك نجده في كثير من الأحايين يقع من شاعريته في مشكلة دقيقة دقيقة المخرج: نراه واقفا بين نفس مادحة صعبة الانقياد، وبين أخرى ممدوحة جبارة لا تقبل اي عذر في ترك المدح.
ولنفس هذا الغرض كانت مدائحه الفخمة لشرف الدولة وبهاء الدولة ومن بعدهما متوالية، وكأنها حاضرة عنده سوى انه ينتهز لها الفرص ويتحين لها المناسبات الزمنية، كالأعياد والنواريز ليكيلها لهم بغير صاع. وها هو ذا يعتذر عن ذلك بقوله:
وما قولي الاشعار إلا ذريعة * إلى امل قد حان قود جنيبه واني إذا ما بلغ الله منيتي * ضمنت له هجر القريض وحوبه صلته بالطائع:
إن صلة الشريف بالطائع لم تكن للحصول على محاولاته من جاه أو