لو كان مثلك كل أم برة * غني البنون بها عن الآباء إن هذا الدور الأول بما فيه من نوائب جمة وقعت على ذلك الشاب الوديع فجاءة، هو الذي جعله يكثر في شعره - حتى في دور الهناء والصفاء - من ذم الزمان وكيد الأعداء والحساد، ويتلهف كثيرا لماض يتمنى رجوعه، ويتوجع لحادث لم يسبق له مثيل في آله، ويستطرد من ذلك إلى ذكر مصائب ومصارع آبائه الأقدمين، وانتهاك حرمتهم واغتصاب حقوقهم. ولقد اثر هذا في خياله في النسيب الذي يستهل به قصائده، فحوره إلى ما كان متضمنا للبكاء على الدمن والتوجع للفراق والاحتراق بلظى التصابي، وما إلى ذلك من الاتجاهات البعيدة عمن ثقفته الحضارة، وارتبى في مهاد الترف. وإذا قرنته بابن المعتز وبأبي فراس الحمداني، تجد هذا قد أثر حب الحرب في خياله، كما اثر اللهو والترف على طبع الأول، اما الشريف فقد أثر الحزن على خياله في النسيب، ولعلما كان ذلك أحد الأسباب في مجانبته الغزل.
[2] دور الطائع وشرف الدولة:
يبتدئ هذا الدور بدخول شرف الدولة إلى بغداد، أو بعد فتحه لفارس، حينما هلك أبوه العضد، ولابد أن يكون هذا قد اتصل بأبي أحمد سجين القلعة بفارس، وأن ابا أحمد استغل تلك الفرصة بالأساليب التي تقربه منه، وفي الوقت ذاته كان شرف الدولة يحتاج إلى مثل أبي احمد الذي يعرف بغداد ويعرف السراة والزعماء والأمراء، ومن يوالي العضد ويناويه، ولا ننس أن شرف الدولة يعرف أن ابا احمد هو رجل الجد والعمل، وهو