من العراق إلى أجبال خرمة * يا بعده منبدا عنا ومطرحا وأسندت إليه النقابة مرارا [1]، وتولي المظالم وإمارة الحج، ولقب بالطاهر ذي المناقب، والطاهر الأوحد، ولم يلقب بذلك طالبي قبله.
وليست هذه المناصب وتلك المناسب هي التي تأخذ بضبع أبي أحمد إلى الطول وتولد له العظمة، بل هو نفسه من رجال الطالبيين الذين أسهموا بالكرامة والجد بالاعمال الجليلة، ومن الذين تتصل الملوك بهم لتصريف سياستها كما تريد. وناهيك بندبة الخلفاء إياه لتسكين الفتن التي لم تزل متتالية في العاصمة أيام ملوك الديلم كافة بين العسكرين البغدادي والفارسي. وبين الفريقين الشيعة والسنة، فان ذلك لا يتولاه ذو الجاه المستفاد من السلطان، والرهبة المجتلبة من القوة فقط، لأنه يقع بالرغم على ذلك بكثرة، بل الرجل الذي له مع السلطة والنفوذ أصالة الجاه والرأي معا، لتحترمهما الخاصة وتذعن لهما العامة، والى بعض هذه الفتن يشير ولده الشريف بقوله:
وخطب على الزوراء ألقى جرانه * مديد النواحي مدلهم الجوانب سللت عليه الحزم حتى جلوته * كما انجاب غيم العارض المتراكب ولولاك علي بالجماجم سورها * وخندق فيها بالدماء الذوائب