إن لفظ النهي في الظاهر واقع على الموت، والمعنى واقع على الامر بالإقامة على الاسلام، أي: دوموا على الاسلام، فإذا ورد عليكم الموت صادفكم على هذه الحالة، وإنما جاز هذا لأنه لا لبس في الكلام، إذ كان معلوما أنهم لا ينهون عما ليس من فعلهم، وإنما يتوجه النهي إلى المعنى الذي هو في مقدورهم.
وتلخيص ذلك: أن المرء قد كتم عنه اجله، لما في كتمانه من المصلحة له، فهو لا يعرف متى تكون منيته؟، وعلى أي جنب صرعته؟، فإذا ثبت ذلك صار تعالى كأنه ألزمه في كل حال أن يكون مسلما، من حيث لا يأمن في كل حال أن يموت عبطة [1] أو هرما. وأيضا، فان من جملة كمال إسلام المرء التوبة، واستدراك الذنوب الفارطة فكأنه سبحانه ألزمه - مع التمسك بفرائض الوقت وطاعاته، واجتناب محارمه (2) ومقبحاته - استدراك الماضي بالتوبة، لكي لا يموت إلا وهو مقطوع باسلامه، غير مشكوك في إخلاصه، وما ذكرناه من ذلك كاف بحمد الله.