فان تكن الأيام أحسن مرة * إلي فقد عادت لهن ذنوب ومعنى ذلك: أن الأيام أساءت إلى بعد احسان، ونقصتني بعد تمام، لا أنه أراد أن الأيام كن أذنبن إلي ونزعن ثم عاودن ورجعن، فكيف يظن به ذلك، وقد ذكر أن إحسانها كان متقدما، وإنما جاء ذمها متأخرا.
والصحيح في ذلك: أن أصل الرجع والرجوع - في اللغة -: إنما هو انعطاف الشئ إليك، وانقلابه نحوك، لا أنه كان عندك ففارقك، ثم رجع إليك، وإنما استعمل في المعنى الأخير مجازا، وحقيقته ما ذكرناه، وفي كلامهم الرجعة: المرة الواحدة، ومن ذلك قولهم: رجعت إليه القول، أي: خاطبته وصرفت قولي إليه; ويقولون: هل جاءتك رجعة كتابك ورجعانه اي جوابه، وقال الشاعر [1]:
كأن من عسل رجعان منطقها * إن كان رجع كلام يشبه العسلا قال تعالى: (أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا...) [2] وكل ذلك يدل على المعنى الذي قلناه.