1 - أحدها، أن يكون معنى (كنتم) ههنا معنى الحدوث والوجود فكأنه تعالى قال: خلقتم أو وجدتم خير أمة [1]، وذلك كقوله تعالى:
(وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة...) [2] أي: فان وجد أو وقع أو حدث ذو عسرة، ويسمي النحويون هذه: كان التامة، لأنها لا تحتاج إلى خبر، وعلى ذلك قول الشاعر في بعض الروايات [3]:
إذا كان الشتاء فأدفئوني * فان الشيخ يهدمه الشتاء أي: إذا حدث ووقع، ومثل ذلك قول الرجل: قد كان ما خفت أن يكون، بمعنى قد حدث ووقع، وليس يريد أنه قد مضى وانقطع، وهذا أكشف عن هذا المعنى 2 - وقال بعضهم [4]: معنى (كنتم خير أمة)، أي:
كنتم عند الله في اللوح المحفوظ على هذه الصفة، لتقدم علم الله فيكم بذلك.
3 - وقال بعضهم: أراد تعالى: كنتم على هذه الصفة في الكتب المتقدمة، فلا تخالفوا ذلك وحققوه بأفعالكم، ليكون أوكد لحجتكم على أعدائكم من أهل الكتاب الذين وجدوا في كتبهم صفاتكم فان خالفتم تلك الصفات وأخلفتم العدات، وجد الطاعن مطعنا والغامز مغمزا.