تملكوها ووصفوا بالملك لها، وسمى تعالى بعضهم: ملوكا على هذا المعنى، فقال تعالى: (اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا...) [1]، قال بعض المفسرين:
(معنى ذلك: انه جعلكم تملكون أمركم، لا يغلبكم عليه غالب، ولا يحول بينكم وبينه حائل)، وقال بعضهم: (معنى ذلك: أنه جعل لكم من الأحوال والأموال ما لا تحتاجون معه إلى سؤال الناس)، وقال بعضهم: (جعلكم ذوي منازل لا يدخل عليكم فيها إلا باذن، والمعنى راجع إلى ملك الامر).
فإذا ثبت ما قلنا: من صفة كثير من المخلوقين بتملك الأمور في دار التكليف، جاز أن يقال - عند تقوض هذه الدار وانتقال هذه الأحوال -: إن الأمور كلها رجعت إلى الله تعالى في الآخرة، بمعنى:
أنها صارت إلى حيث لا يملكها مالك غيره، ولا يحكم فيها حاكم سواه، كما كان تعالى قبل أن يخلق خليقته، ويبرئ بريئته، ولا مالك للأمور غيره، فرجعت الحال بعد انقضاء التكليف إلى حيث كانت قبل ابتداء التكليف، وصار الامر في الانتهاء مثله في الابتداء.
2 - وقال بعضهم: لما كانت الأمور بعد انقضاء الدنيا متقضية ذاهبة ببطلانها وتلاشيها وتقوض مبانيها، وكان الله تعالى يعيدها للجزاء على الاعمال، والأعواض على الآلام، جاز أن توصف بأنها ترجع إليه تعالى، لما أعادها بعد التقضي، واستأنفها بعد التولي