قائما ههنا ليس يراد به القيام الذي هو ضد القعود، لان الملازم في الحقوق قد يسمى (قائما) [1]، كان قاعدا أو قائما، ولو قلت إن القاعد أبلغ في باب الملازمة، لكان قولا سائغا، لان قعوده أدل على المطاولة والمداومة [2]، ومكانه أغلظ على من الدين عليه من مكان القائم المستوفز والمعذر غير المصمم. ولا معول على هذا القول أيضا، وإنما أوردناه مقابلة لقول السدي.
والصحيح: أن معنى القيام المراد في هذه الآية الدوام على اقتضاء الدين. واصله من السكون، ومنه الحديث: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) أي: الساكن، فأما قوله تعالى: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت...) [3] فمعناه: مطالب لكل نفس بما جنته ولا يعجز أخذه ولا يفوت طلبه (4). وللقيام أيضا في لغة العرب معنى آخر، وهو أن يريدوا به تحقق الشئ وصحته، وبلوغ