فالجواب: أن في ذلك اختلافا بين أهل التفسير:
فمنهم من يقول. إن الخطاب في قوله تعالى: (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) للأنبياء، دون أممهم - على ما ذكره السائل -. ومنهم من يقول: إن الخطاب بذلك متوجه إلى أمم الأنبياء دونهم. فإن كان ذلك على الوجه الأخير فالمعنى مكشوف القناع غير محتاج إلى زيادة كشف وإظهار خب ء، وإن كان في اللفظ عدول عن الظاهر وتنكب للطريق الواضح. وإن كان على الوجه الأول احتيج فيه إلى إيضاح الغرض المقصود وإظهار ما فيه من الغموض، وإن كان اللفظ على ظاهره، وغير محوج إلى تأوله.
وتلخيص ذلك: ان الوجه الأول ملبس اللفظ مفهوم المعنى، والوجه الآخر ملبس المعنى مفهوم اللفظ، فأما من قال: إن الخطاب بذلك متوجه إلى الأنبياء دون أممهم، فإنه روى في ذلك روايات واعتمد على آثار وأخبار [1]: فمن ذلك ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام [2] أنه قال: (لم يبعث الله سبحانه نبيا من لدن آدم (ع) إلى محمد صلى الله عليه وآله إلا اخذ عليه العهد في محمد: لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وكذا روي عن الحسن البصري وعن السدي في معنى هذه الآية. وروي عن ابن عباس وعن طاوس [3]: أن الذين اخذ ميثاقهم هم الأنبياء دون