كما قال لكان وجه الكلام أن يقولوا: (ليس علينا للأميين سبيل)، ونظير ذلك قول القائل: ليس علي سبيل لفلان، إذا نفى أن يكون له حجة أو قدرة، وأما قولهم: في الأميين سبيل، فهو يعرب عن معنى غير المعنى الأول، لان هذا القول في لسان أهل العربية يدل على نفي الاثم والتبعة عن الانسان في الفعل الذي يقدم عليه، ونظيره قول القائل:
ليس علي في هذا المال سبيل إن أنفقته، ولا في هذا الطعام سبيل إن اكلته، اي: لا إثم علي في ذلك ولا تبعة، الا ترى إلى قوله تعالى:
(ليس على الذين آمنوا وعلموا الصالحات جناح فيما طعموا..) [1] والى قوله سبحانه: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به...) [2]!، فقد بان أن مراد أهل الكتاب أنه ليس عليهم في اكل أموال الأميين والذهاب بحقوقهم تبعة ولا إثم، وهذا خلاف ما ذهب إليه أبو علي، فوجب ان يحمل الكلام عليه دون غيره.
5 - وقال بعضهم: قوله تعالى: (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك)، يعني به: النصارى، وقوله تعالى:
(ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما)، يعني:
اليهود، لأنهما جميعا يقع عليهما اسم أهل الكتاب، فيجوز ان يعود بعض الذكر على هؤلاء وبعضه على هؤلاء، فعاد على النصارى من هذا القول أليقه بهم وأشبهه بمذهبهم: (من) [3] التسليم والتلمس [4]، وإن