قال سبحانه: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله... الآية) [1]، ومن اعتقدت إلهيته استحسنت عبادته ومن الدليل على أن المراد بأهل الكتاب ههنا النصارى قوله تعالى في السورة التي يذكر فيها براءة: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم... الآية - 31)، وقد يمكن أن يكون المراد بأهل الكتاب في الآية المتقدمة اليهود والنصارى معا، لان المعنى الذي ذكرناه في النصارى: من تعظيم الرؤساء وتقليد العلماء، موجود فيهم، وإن لم ينتهوا بهم إلى الغاية التي ينتهى النصارى بعلمائهم إليها: من اعتقادهم فيهم أن لهم الحرائج [2] الباهرة، والآيات الظاهرة.
ومما يدل على تعظيم اليهود كبراءهم وتقليدهم علماءهم قول تعالى في السورة التي يذكر فيها المائدة: (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا... - 41) وقوله تعالى:
(سماعون لقوم آخرين لم يأتوك)، قال المفسرون: يريد بذلك تعالى:
أحبارهم وعلماءهم. و (لم يأتوك): من صفة (قوم آخرين)، وعليه الوقف الصحيح، ألا ترى إلى قوله تعالى: (يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه