هو الذي يشير إليه بقوله:
أهذب في مدح الرجال خواطري * فأصدق في حسن المعاني وأكذب وما المدح إلا في النبي وآله * يرام وبعض القول ما يتجنب أما إغراقه في مدح مثل بهاء الدولة وشرف الدولة والتوجع في رثائهما والتودد في استعطافهما والانعطاف عليهما حتى ولو انتهى إلى مثل قوله:
لا عجبا أن نقيكم حذرا * نحن جفون وأنتم مقل فهو أمر قد أشرنا إلى العذر عنه، إذ ذكرنا أن المدح لهؤلاء شئ لا يريد به الشاعر إلا إتقان الصنعة كما يفهمها ولا يتشدد فيه باتقاء الضرورات كما هي متقاة في مدح الأصدقاء وتأبينهم، ومع ذلك الاغراق في المدح نراه يتحمس ويفخر في أثنائه كثيرا، كما نراه يتصلب في الغزل وفي سائر موارد اللين والرقة، وتلك طريقة يتفرد بها، وعلى نفس هذه الطريقة جرى مع سلطان الدولة الذي خطب مدحه، بعد أن طلق الشعر حينما بلغ الأربعين، وذلك إذ يقول:
رام مني قود القريض ولولاه * لقد جاذب الزمام الأكفا هب من رقدة الفتور إليه * بعد ما غض ناضريه وأغفى هو ظهر ينقاد طوعا على اللين ويأبى القياد إن قيد عسفا رثاؤه:
من يستطرد شعر الشريف يجد نفسه مملوءة بالهموم والأحزان والأسا والأسف، ليس لتصريحاته التي يؤديها مثل قوله (لا ألوم الهم إن لازمني)، بل أمانيه بالخلافة، ومداراة المتغلبين عليها،