شاعر الحديد.
وربما يؤكد ذلك في نفسه زيادة على ما انطبع عليه امتلاء مسامعه وجميع حواسه بالحروب التي وقعت في أيامه ببغداد وخارجها.
النسيب والغزل:
يندر الغزل في ديوانه بالقياس إلى غيره، وليس ذلك ترفعا عن نظمه لأنه مخل بمقامه وهادم لشرفه، كيف وله فيه الشئ الكثير وإن قل بالنسبة إلى غيره، لكنا وجدناه يقول وشواهد الحال تصدقه:
شغلت بالمجد عما يستلذ به * وقائم الليل لا يلوي على السمر من يعشق العز لا يعنو لغانيه * في رونق العز ما يغني عن الكدر والذي نقرؤه من مجموعتي أخلاقه وشعره ترفعه عن نوع من الغزل يستعمله الخلعاء أو ما يشبه العبث والمجون، وهذا النوع قد لا تطاوعه شاعريته عليه لو أراده، وهو الذي يخل بمقامه وشرفه، لا غيره من الأنواع الجميلة المشهورة، ولربما يستعصي عليه هذا الضرب الجميل أيضا لأنه لا يمتزج بهواجس نفسه وأخلاقه المنطبع عليها. وهذا هو سبب الندرة، وسبب الانصراف غالبا عن الغزل الناشف إلى النسيب الذي تجلوه الرقة وتعلوه العفة، وأي عفة هي التي تعلو قوله:
خلونا فكانت عفة لا تعفف * وقد رفعت في الحي عنا الموانع سلوا مضجعي عني وعنها فإننا * رضينا بما يخبرن عنا المضاجع وأي رقة وعاطفة هي التي تجلو قوله:
ولما تدانى البين قال لي الهوى * رويدا وقال القلب أين تريد