أتطمع أن تسلو على البعد والنوى * وأنت على قرب الديار عميد ولو قال لي العادون ما أنت مشته * غداة جزعنا الرمل قلت أعود أأصبر والوعساء بيني وبينكم * واعلام خبت؟ إنني لجليد وإذا نحن عللنا إجادته في الرثاء بامتلاء نفسه بالهموم، وفي الفخر بما حوى من عزة ومآثر، وفي المدح برغبة الملوك فيه ورغبته في حصول أمانيه فما أجدرنا أن نعلل إجادته في هذا النوع من الغزل بما نعتقده أنه لم ينظم ذلك إلا للفن خالصا، ونحن نعلم بأنه لم يرقص قلبه يوما لموعد وصل ولم تنكمد نفسه لو شك رحيل، ولم ينادم غانية، ولم يكن حتى في إبان شبيبته يسامر الظرفاء الذين يغازلون ويتغزلون، وها هو ذا يقول:
أضعت الهوى حفظا لعزمي وإنما * يصان الهوى في قلب من ضاع عزمه أسوم الهوى نفسا عزوفا عن الهوى * وقلبا يضم الحب غير حمول أين الغواني من طلابي وما * أطلب إلا الرائح الغادي الشعر الوصفي:
ليس وصف المناظر الطبيعية والأشياء المحسوسة مما يضطر إليه الشاعر، إلا ما جاء عفوا بتأثيرها على عواطفه وشعوره، أو لاقتراح مقترح، على أنه مظهر لقوة شاعريته وسعة خياله، فتجد الشاعر الوصاف واسع الخيال قوي الادراك، والعكس بالعكس، فهذا إذا من الأسباب للشعر الوصفي قد يدعو الشاعر إليه، وإذا تعدى هذه الأسباب فلا يكون إلا غرضا خاصا لا يحكم به ولا عليه في شئ.
ولا تخلو غالبا أي قصيدة لأي شاعر من أوصاف وتشابيه مختلفة،