غرضي بمدحك أن يطاوعني * عوج بأيامي ويعتدل ثم لا يتعدى بمدحه عن هؤلاء راغبا إلا لرحم أو صديق أو عظيم من رجال الدولة، اتباعا لقوله في أبيه: (وغيرك لا أطريه إلا تكلفا)، وقوله عند إطراء الطائع:
وإني إذا ما قلت في غير ماجد * مديحا كأني لائك طعم علقم ولا ننسى أن الشاعر كثيرا ما يصوغ الأكاذيب ليتوج بها من لا يستحق الثناء، لكن لا نجد شاعرنا مطمئنا إلى هذه العادة السيئة التي تستدعي شيئا من الصفاقة تحول بينه وبين الحياء، اما أولئك الذين يقول فيهم:
أكاشر أبناء هذا الزمان * وأهزأ من نبلهم بامتداحي فهم نبلاء مستحقون لمدحه، لأنهم الخلفاء والملوك، إلا أنه لا يراهم أهلا لمدحه وكما أن الشريف لا يجد بدا من مدح من يستحقه، هو مضطر لا محالة إلى ذم أعدائه ومناويه، لأنه محاط بهم، والكثير منهم مسلح بالمكر والخديعة والوشاية والنميمة، وكما هو يدفع نكايتهم بيده لا بدله من الوقيعة بهم بلسانه، ولذلك كان يسمي قصائده في المدح ولذم (بوارد الغليل) ويقول فيها:
بوارد للغليل كأن قلبي * يعب بهن في برد النطاف أسر بهن أقواما وأرمي * أقيواما بثالثة الأثافي وبما أن تتبع أهاجيه يضطرنا إلى الإطالة تركنا التعرض لها بالرغم