لواعج أفصحت عنها الدموع وقد * كانت تجمجمها الأحشاء والضلع نزفت دمعي حتى ما تركت له * غربا يعين على دراء إذ يقع ثم اضطررت إلى صبري فعذت به * فأغرب الصبر لما أحجم الجزع ومما ينخرط في هذا السلك وينتظم بهذا العقد ما أبدع به من غرائب التخييلات الشعرية في تعزية بهاء الدولة عن ولده وهو قوله:
إذا السنان الطرير دام لنا * فدعه يستبدل الأنابيبا والبدر ما ضره تفرده * ولا خبا نوره ولا عيبا وما افتراق الشبول عن أسد * بما نع أن يكون مرهوبا والعنبر الورد إن عبثت به * مثلما زاد عرفه طيبا يطيح مستصغر الشرار من الزند ويبقى الضرام مشبوبا محصت النار كل شائبة * وزاد لون النضار تهذيبا حماسته:
ليس بنا حاجة إلى أن نثبت أن الشريف كان فخورا حماسيا، لأنا رأينا أنه اختص بمزايا لا يطاوله فيها حتى الملوك والخلفاء، وإذا رجعنا إلى تحديد كرامته اعتقدنا انه مهما صغر كبيرا من غيره فإنه لم يكبر لنفسه صغيرا البتة. وإذا كان الفخور غالبا يستعمل الكذب فيدافع عنه بصفاقته خشية الافتضاح، فان الشريف لا نعرفه الا حقيقيا بالفخر بنفسه وآبائه، وما كان ليقول عن نفسه ما لا يعرفه الناس وهو متمسك بمبدأ الحياء المتوفر فيه، وهو محاط بحساد ومناوئين مسلحين بكل ما فيه نكايته والوقيعة به، وفي بعض ما يقوله تحد لهم وتعريض بهم، وها هو ذا يقول في عصامية نفسه: