من أنها أحد فنون الشعر الذي تظهر فيه البراعة، وفي ذكر ما عداها كفاية عن حكاية القذف وإن كان مستحقا.
مبالغاته:
الشريف يطري خلفاء زمانه، ولا ننكر عليه ذلك، إلا أن إغراقه فيه إغراقا فاحشا هو الذي ربما يؤاخذ به، فإنه لم يكتف بالمبالغة في مدح هؤلاء حتى يتجاوز إلى ما فيه روح دينية قوية، ويتعدى إلى الموضع الذي لا يعتقده لهم، وذلك كقوله في الطائع:
إمام ترى سلك آبائه * بعيد الرسول إماما إماما بالطائع الهادي الامام أطاعني * أملي وسهل لي الزمان مرامي لله ثم لك المحل الأعظم * واليك ينتسب العلاء الأقدم ولك التراث من النبي محمد * والبيت والحجر العظيم وزمزم وسواء كان هؤلاء مستحقين للإمامة أو أنهم بعيدون عنها فإنه يغرر بهم وبالكافة حينما يثبت لهم هذه الفضيلة الكاذبة بزعمه. وإني وإن لم أقصد الدفاع عنه لكني أرى هذا ونحوه جاريا على ما يعتقده فيهم الجماهير من استحقاق الإمامة، وبهذا يرتفع التغرير بالممدوح لأنه لا يعتقد نقصه، وبالناس لاتفاق عامتهم على استحقاقه، ولذلك كان الملوك يحرصون على نيل رضا الخليفة لترى العامة أن سلطانهم مشروعا مستمدا من خلافة مشروعة. وإذا سمينا هذا النوع كذبا فلا مشاحة ولا انتقاد عليه، لان النقد لا يتبع الاسم فقط، إلا أن يقصد به التهويل ولا يراد به النقد الحقيقي المشروع، ولعل هذا النوع من الكذب