تكلف ممقوت وتعمل مرذول وغموض في الغرض، وألفاظ نفرت عن حيطة التوسط إلى درجة الحوشية، وتراكيب متفككة نافرة، وبعد هذا فديوان الشريف بالقياس أربعة أضعافه، وحقيق بهكذا ديوان ضخم أن تكثر سقطاته، والحال أن ما يتفرد به من الإجادة أكثر، ونحن إذا نقدناه وأحصينا سقطاته لا نجدها بتلك الكثرة ولا نراها إلا مندكة فيه كل من الشاعرين كثير الاستظهار لنفسه، بصير بنقد الشعر، بارع في إتقان اللغة والإحاطة بنافرها ومألوفها، فمن المعقول أن يتجنبا الزلل الذي يخفى على غيرهما، ولكنا نجد في كتب الشريف وشعره بعض اشتقاقات غير مأثورة لا نجد للمتنبي مثلها، وهكذا نجد شعر الشريف المرتضى. وهذه صفحة لا نناقشه الحساب عليها، لأنه عربي وراوية لغة جاب جزيرة العرب وبادية الشام، وسمع الاعراب وخالطهم، وفي اللسان بقية من الصيانة والانطباع على الصحيح والفصيح، وبعد فهو محترم الرأي له اجتهاده في جواز الاشتقاق الذي يستعمله وهو مذهب كثير من معاصريه وممن جاء بعده. أما سقطاته المعدودة من حيث التركيب والمعنى فانا سنورد الكثير منها عرضا.
ومن غريب امر شعره تساويه في دوري النكبة والابتهاج ودوري الصبا والكهولة، ومع أن التقليد والمحاكاة تغلب على الصبي، فانا لا نجده مقلدا في شئ مما نظمه في صباه، وازن بين فخرياته السالفة وبين قوله وهو ابن عشر: (المجد يعلم أن المجد من أربي) وقوله:
إذا هممت ففتش عن شبا هممي * تجده في مهجات الأنجم الشهب