تعظيم لغير الله فلا مانع من اعتباره كنذر التبرر، ومنهم من رأى أن الملتزم لذلك لم يقصد التزامه تقربا إلى الله تعالى بل إنما قصد ذلك ليمنع نفسه مما حلف عليه أو غيرها، والنذر الذي حكم الشرع بوجوبه إنما هو فيما يقصد التقرب فلا يجب عليه هنا الوفاء ويتخلص منه بكفارة يمين لأنه مشبه باليمين من حيث كونه منع نفسه بالتزام شئ ليس فيه تعظيم غير الله، وأما قوله في آخرها: أنه حلف حقيقة على الحج مثلا.
فرده أن السلف والخلف يطلقون في مثل ذلك أنه حلف بالحج وحلف بالعتاقة حلف بالصدقة فيمن قال: إن فعلت كذا فعلي حج أو عتاقة أو صدقة ولو كان الأمر كما يقول لكانوا يقولون حلف أن يحج أو يتصدق أو يعتق وهم لا يقولون إلا حلف على هذا الفعل بالحج وما أشبهه وذلك هو الذي يفهمه الذين يحلفون فالفعل المقصود منه هو المحلوف عليه والحج مثلا هو المحلوف به ويسمونه إذا فعل ذلك الفعل حانثا، ولو كان كما يقول لم يكن حانثا إلا بترك الحج وما أشبهه فهو نادر حقيقة لكنه غير داخل في قوله صلى الله عليه وسلم " من نذر أن يطيع الله فليطعه " لأن من نذر على وجه الحلف ليس قصده الطاعة وإن كان قصده المشي على تقدير المخالفة لأنه قصد المشي له جهتان: إحداهما أن يكون امتثالا للأمر وذلك هو الطاعة وهو مفقود هنا والثاني: أن يكون لغرض آخر كما ههنا فإنه إنما قصده ليكون مانعا له من الفعل فإذا لم يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم " من نذر أن يطيع الله فليطعه " فلا يجب وإن كان مقتضى كلامه أنه أوجبه على نفسه لأنه ليس كل ما أوجبه الإنسان على نفسه يجب عليه إلا بإيجاب الله تعالى ففيما إذا كان المقصود الطاعة أوجبه الله تعالى عليه فوجب وههنا ليس المقصود الطاعة ودخل في قوله كفارة النذر كفارة يمين وفي قوله تعالى (يوفون بالنذر " فإذا فعل ذلك الفعل فقد ترتب المنذور في ذمته ولا يجب عليه وفاؤه عينا بل له أن يسقطه بالكفارة، وقد بسط ذلك أكثر من هذا في التحقيق، وقوله إن من حلف بغير الله مثل أن يحلف بالطواغيت أو بأبيه أو بالكعبة أو غير ذلك من المخلوقات إنها يمين غير محترمة فلا تنعقد ولا