وابن العم وغير ذلك مما قد سطر وذكر، فلا بد أن يكون إنما أراد من اللفظة المحتملة - وهي لفظة مولى - معنى الأولى الذي تقدم التصريح به، لأن من شأن أهل اللسان إذا عطفوا محتملا على صريح لم يجز أن يريدوا بالمحتمل إلا معنى الصريح. ألا ترى أن من له عبيد كثيرون إذا أقبل على جماعة قال: ألستم عارفين بعبدي زيد؟ ثم قال عاطفا على الكلام: فاشهدوا أن عبدي حر لوجه الله تعالى، لم يجز أن يريد بلفظة عبدي الثانية، وهي مشتركة بين جماعة عبيده إلا العبد الأول الذي تقدم التصريح باسمه، من أراد غيره كان سفيها ملغزا معميا.
وبينا بحيث أشرنا إليه ما يرد على هذا الكلام من الأسئلة المختلفة، واستقصينا الجواب عنها وأزلنا كل شبهة معترضة فيها، وليس هذا موضع استيفاء ذلك، ومن أراد تناوله فمن مواضعه.
وأما قول السيد (إذ قال الإله بعزمة) والعزم لا يجوز على الله تعالى، لأنه اسم لإرادة متقدمة على الفعل، فإرادة التقديم لفعله لا تتقدمه، لأن تقدمها عيب، فالوجه فيه أن السيد إنما أراد ههنا القطع بالأمر والثبات له والايجاب، لأنهم يقولون:
عزمت عليك أن تفعل كذا وكذا أي ألزمتك وأوجبت عليك. والإرادة إذا تناولت فعل الغير لا تسمى عزمة، وتسمى الواجبات عزائم، ولا يسمون المندوبات بذلك ولهذا قالوا: عزائم السجود في القرآن، وهي السور التي فيها سجود واجب، فما أخطأ السيد في ذكر العزمة ولا وضعها في غير موضعها.
فإن قيل: فإن السيد ذكر في شعره الولاية، وهي الولاء والمحبة والنصرة، ولم يذكر الإمامة، وقد كان قادرا على أن يقول: قم يا محمد بالإمامة واخطب.
فكيف عدل عن لفظ الإمامة إلى لفظ الولاية؟
قلنا: لا فرق هنا بين اللفظتين، وإنما أراد بالولاية، الخلافة وتولي الأمر