وهذه الشفاعة والشفاعة الأولى العظمى تواترت الأحاديث بهما واختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالعظمى كما سبق وأما هذه فقد جاء فيها شفاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين وأن الله تعالى بعد ذلك يخرج برحمته من قال لا إله إلا الله اه.
وقال عياض جاءت الأحاديث التي بلغ مجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين وفي فتح الباري جاءت الأحاديث في إثبات الشفاعة المحمدية متواترة ودل عليها قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا والجمهور على أن المراد به الشفاعة وبالغ الواحدي فنقل فيه الاجماع ولكنه أشار إلى ما جاء عن مجاهد وزيفه اه.
وتقدم عن فتح المغيث للسخاوي أن عدد رواة حديث الشفاعة والحوض من الصحابة زاد على أربعين قال وممن وصفهما بذلك يعني بالتواتر عياض في الشفا وقال ابن عبد البر في الاستذكار إثبات الشفاعة ركن من أركان اعتقاد أهل السنة وهم مجمعون على أن تأويل قول الله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا المقام المحمود هو شفاعته صلى الله عليه وسلم في المذنبين من أمته ولا أعلم في هذا مخالفا إلا شيئا روى عن مجاهد ذكرته في التمهيد أنه جلوسه على العرش وروى عنه خلافه على ما عليه الجماعة فصار إجماعا منهم والحمد لله وقد ذكرت في التمهيد كثيرا من أقاويل الصحابة والتابعين في ذلك وذكرت من أحاديث الشفاعة ما فيه كفاية والأحاديث فيها متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم صحاح ثابتة وذكرنا أيضا في التمهيد حديث ابن عمر وحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة وقال جابر من لم يكن من أهل الكبائر فماله وللشفاعة وقال ابن عمر ما زلنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى نزلت * (أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * وقال صلى الله عليه وسلم أني أخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وقد ذكرنا الأسانيد بذلك كله في التمهيد وهذا الأصل الذي ينازعنا فيه أهل البدع اه منه.