كشف اللثام (ط.ج) - الفاضل الهندي - ج ٥ - الصفحة ٢٢
على الوقوفين، وأمر الأصحاب بالعدول إلى العمرة، وقال: دخلت العمرة في الحج، أي حج التمتع وفقهه، أن الناس لم يكونوا يعتمرون في أيام الحج، والأخبار الناطقة بأنه (ص) أحرم بالحج وحده كثيرة.
ومما يصرح بجميع ذلك ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن فضيل بن عياض أنه سأل الصادق (ع) عن اختلاف الناس في الحج، فبعضهم يقول: خرج رسول الله (ص) مهلا بالحج. وقال بعضهم: مهلا بالعمرة، وقال بعضهم: خرج قارنا، وقال بعضهم: خرج ينتظر أمر الله عز وجل، فقال أبو عبد الله (ع): علم الله عز وجل أنها حجة لا يحج رسول الله (ص) بعدها أبدا، فجمع الله عز وجل له ذلك كله في سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سنة لأمته، فلما طاف بالبيت وبالصفا والمروة أمره جبرئيل أن يجعلها عمرة إلا من كان معه هدي، فهو محبوس على هديه لا يحل، لقوله عز وجل: " حتى يبلغ الهدي محله " فجمعت له العمرة والحج.
وكان خرج على خروج العرب الأول، لأن العرب كانت لا تعرف إلا الحج وهو في ذلك ينتظر أمر الله عز وجل وهو (ع) يقول: الناس على أمر جاهليتهم إلا ما غيره الاسلام، وكانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج، وهذا الكلام من رسول الله (ص) إنما كان في الوقت الذي أمرهم بفسخ الحج، فقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، وشبك بين أصابعه - يعني في أشهر الحج - قال فضيل: قلت:
أفنتعبد (1) بشئ من الجاهلية؟ فقال: إن أهل الجاهلية ضيعوا كل شئ من دين إبراهيم (ع) إلا الختان والتزويج والحج، فإنهم تمسكوا بها ولم يضيعوها (2).
وفي الصحيح عن الحلبي عنه (ع): إنه (ص) أهل بالحج وساق مائة بدنة وأحرم الناس كلهم بالحج لا يريدون العمرة، ولا يدرون ما المتعة حتى إذا قدم رسول الله (ص) مكة طاف بالبيت وطاف الناس معه، ثم صلى ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) واستلم الحجر، ثم أتى زمزم فشرب منها وقال: لولا أن أشق على

(١) في ط " أفيعتد ".
(٢) علل الشرائع: ج ٢ ص ٤١٤ ح 3.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة