قلت: قد لمح ابن عبد البر صاحب كتاب " الاستيعاب " في هذا الموضع نكتة حسنة، فقال في حديث الخلوق: هذا حديث مضطرب منكر، لا يصح، وليس يمكن أن يكون من بعثه النبي (صلى الله عليه وآله) مصدقا صبيا يوم الفتح، قال: ويدل أيضا على فساده أن الزبير بن بكار وغيره من أهل العلم بالسير والاخبار ذكروا أن الوليد وأخاه عمارة ابني عقبة بن أبي معيط خرجا من مكة ليردا أختهما أم كلثوم عن الهجرة، وكانت هجرتها في الهدنة التي بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين أهل مكة، ومن كان غلاما مخلقا بالخلوق يوم الفتح ليس يجئ منه مثل هذا. قال: ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن أن قوله عز وجل: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) أنزلت في الوليد لما بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) مصدقا، فكذب على بنى المصطلق وقال: إنهم ارتدوا وامتنعوا من أداء الصدقة. قال أبو عمر: وفيه وفي علي (عليه السلام) نزل:
(أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (1)، في قصتهما المشهورة قال: ومن كان صبيا يوم الفتح لا يجئ منه مثل هذا، فوجب أن ينظر في حديث الخلوق، فإنه رواية جعفر بن برقان، عن ثابت، عن الحجاج، عن أبي موسى الهمداني، وأبو موسى مجهول لا يصح حديثه.
* * * ثم نعود إلى كتاب أبى الفرج الأصبهاني، قال أبو الفرج: وأخبرني أحمد بن عبد العزيز، عن عمر بن شبة، عن عبد الله بن موسى، عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم، عن علي (عليه السلام) أن امرأة الوليد بن عقبة جاءت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) تشتكي إليه الوليد، وقالت: إنه يضربها، فقال لها: ارجعي إليه وقولي له:
إن رسول الله قد أجارني، فانطلقت، فمكثت ساعة، ثم رجعت فقالت: إنه