لان في دفع الحد عن السارق إضاعة مال المسلم الذي سرق السارق في زمانه وفيه أيضا إغراء أهل الفساد بالسرقة لأنهم إذا لم يقم الحد عليهم لمكان الجحود أقدموا على سرقة الأموال فلو لم يكن عناية الشارع بالدماء أكثر من عنايته بغيره من الأموال و الأبشار لما قال: للمكلف لا تقر بالسرقة ولا بالزنا ولما رجح واحدا على ثلاثة وهان في نظره أن تضرب أبشارهم بالسياط وهم ثلاثة حفظا لدم واحد.
وأما حديث صفوان وقول المرتضى فلا يشبه كل ما نحن فيه لان الرسول صلى الله عليه وآله بين أن ذلك القول يسقط الحد لو تقدم وليس فيه تلقين يوجب إسقاط الحد.
فجوابه أن قاضى القضاة لم يقصد بإيراد هذا الخبر إلا تشييد قول عمر أرى وجه رجل لا يفضح الله به رجلا من المسلمين لان عمر كره فضيحة المغيرة كما كره رسول الله صلى الله عليه وآله فضيحة السارق الذي قال: صفوان (هو له) وقال: عليه السلام (هلا قبل أن تأتيني به!) أي هلا قلت ذلك قبل أن تحضره فلم يفتضح بين الناس! فإن قولك (هو له) وإن درأ الحد إلا أنه لا يدرأ الفضيحة!.
فأما ما حكاه قاضى القضاة عن أبي على من أن القذف قد كان تقدم منهم وهم بالبصرة فقد ذكرنا في الخبر ما يدل على ذلك فبطل قول المرتضى: إن ذلك غير معروف وإن الظاهر المروى خلافه.
وأما قول عمر للمغيرة: ما رأيتك إلا خفت أن يرميني الله بحجارة من السماء فالظاهر أن مراده ما ذكره قاضى القضاة من التخويف وإظهار قوة الظن بصدق الشهود ليكون ردعا له ولذلك ورد في الخبر ما أظن أبا بكرة كذب عليك تقديره: أظنه لم يكذب ولو كان كما قال المرتضى ندما وتأسفا على تفريط وقع لأقام الحد عليه ولو بعد حين ومن الذي كان يمنعه من ذلك لو أراده!.