على أن هذا لو كان على ما قاله لم يحسن من هذا التسليم ومن ذاك القتال، لان المقاتل قد يكون مغررا ملقيا بيديه إلى التهلكة والمسالم مضيعا للامر مفرطا، وإذا كان عند صاحب الكتاب التسليم والقتال إنما كانا عن ظن وأمارات فليس يجوز أن يغلب على الظن بأن الرأي في القتال مع ارتفاع أمارات التمكن ولا أن يغلب في الظن المسالمة مع قوة أمارات التمكن (1).
قلت: أما القول في صحة الاجتهاد وبطلانه فله مواضع غير هذا الموضع وكذلك القول في تقية الامام واستصلاحه وفعله مالا يسوغ لضرب من السياسة والتدبير.
وأما مسائل الجد فلم يعترض المرتضى قول قاضى القضاة فيها وأما قاضى القضاة فقد استبعد بل أحال أن تكون مسألة واحدة بعينها تحتمل سبعين حكما مختلفه فحمل الحديث على أن عمر أفتى في باب ميراث الأجداد والجدات بسبعين فتيا في سبعين مسألة مختلفة الصور وذلك دليل على علمه وفقهه وتمكنه من البحث في تفاريع المسائل الشرعية هذا هو جواب قاضى القضاة فكيف يعترض بقوله كلا الامرين واحد فيما قصدناه لان حكم الله لا يختلف في المسألة الواحدة والمسائل المتعددة أليس هذا اعتراض من ظن أن قاضى القضاة قد اعترض بتناقض أحكامه ولكن لا في مسألة بعينها بل في مسائل من باب ميراث الجد! ولم يقصد قاضى القضاة ما ظنه والوجه أن يعترض قاضى القضاة فيقال: إن الرواة كلهم اتفقوا على أن عمر تلون تلونا شديدا في الجد مع الاخوة كيف يقاسمهم؟ وهي مسألة واحدة فقضى فيها بسبعين قضية فأخرجوا الرواية مخرج التعجب من تناقض فتاويه ولم يخرج أحد من المحدثين الرواية مخرج المدح له بسعة تفريعه في الفقه والمسائل فلا يجوز صرف الرواية عن الوضع الذي وردت عليه.