اعترض المرتضى هذا الجواب فقال (1): لا شك أن التلون في الاحكام والرجوع من قضاء إلى قضاء، إنما يكون عيبا وطعنا إذا أبطل الاجتهاد الذي يذهبون إليه فأما لو ثبت لم يكن ذلك عيبا فأما الدعوى على أمير المؤمنين عليه السلام أنه تنقل في الاحكام ورجع من مذهب إلى آخر فإنها غير صحيحه ولا نسلمه (2) ونحن ننازعه فيها (3) وهو لا ينازعنا في تلون صاحبه وتنقله فلم يشتبه الأمران.
وأظهر ما روى في ذلك خبر أمهات الأولاد وقد بينا فيما سلف من الكتاب ما فيه، وقلنا: إن مذهبه في بيعهن كان واحدا غير مختلف وإن كان قد وافق عمر في بعض الأحوال لضرب من الرأي فأما توليته لمن يرى خلاف رأيه فليس ذلك لتسويغه الاجتهاد الذي يذهبون إليه بل لما بيناه من قبل أنه عليه السلام كان غير متمكن من اختياره وأنه يجرى أكثر الأمور مجراها المتقدم للسياسة والتدبير وهذا السبب في أنه لم يمنع من خالفه في الفتيا.
فأما قوله إن السبعين قضية لم تكن في مسألة واحدة وإنما كانت في مسائل من الجد فكلا الامرين واحد فيما قصدناه لان حكم الله تعالى لا يختلف في المسألة الواحدة والمسائل فأما أمر الأسارى فإن صح فإنه لا يشبه أحكام الدين المبنية على العلم واليقين لأنه لا سبيل لأبي بكر وعمر إلى المشورة في أمر الأسارى إلا من طريق الظن والحسبان وأحكام الدين معلومة وإلى العلم بها سبيل.
وما ادعاه من اجتهاد الحسن بخلاف اجتهاد الحسين ليس على ما ظنه لان ذلك لم يكن عن اجتهاد وظن بل كان عن علم ويقين فمن أين له أنهما عملا على الظن!
فما نراه اعتمد على حجة! ومن أين له أن تمكن الحسن كان أكثر من تمكن الحسين!