شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٤٨
اعترض المرتضى هذا الجواب فقال (1): لا شك أن التلون في الاحكام والرجوع من قضاء إلى قضاء، إنما يكون عيبا وطعنا إذا أبطل الاجتهاد الذي يذهبون إليه فأما لو ثبت لم يكن ذلك عيبا فأما الدعوى على أمير المؤمنين عليه السلام أنه تنقل في الاحكام ورجع من مذهب إلى آخر فإنها غير صحيحه ولا نسلمه (2) ونحن ننازعه فيها (3) وهو لا ينازعنا في تلون صاحبه وتنقله فلم يشتبه الأمران.
وأظهر ما روى في ذلك خبر أمهات الأولاد وقد بينا فيما سلف من الكتاب ما فيه، وقلنا: إن مذهبه في بيعهن كان واحدا غير مختلف وإن كان قد وافق عمر في بعض الأحوال لضرب من الرأي فأما توليته لمن يرى خلاف رأيه فليس ذلك لتسويغه الاجتهاد الذي يذهبون إليه بل لما بيناه من قبل أنه عليه السلام كان غير متمكن من اختياره وأنه يجرى أكثر الأمور مجراها المتقدم للسياسة والتدبير وهذا السبب في أنه لم يمنع من خالفه في الفتيا.
فأما قوله إن السبعين قضية لم تكن في مسألة واحدة وإنما كانت في مسائل من الجد فكلا الامرين واحد فيما قصدناه لان حكم الله تعالى لا يختلف في المسألة الواحدة والمسائل فأما أمر الأسارى فإن صح فإنه لا يشبه أحكام الدين المبنية على العلم واليقين لأنه لا سبيل لأبي بكر وعمر إلى المشورة في أمر الأسارى إلا من طريق الظن والحسبان وأحكام الدين معلومة وإلى العلم بها سبيل.
وما ادعاه من اجتهاد الحسن بخلاف اجتهاد الحسين ليس على ما ظنه لان ذلك لم يكن عن اجتهاد وظن بل كان عن علم ويقين فمن أين له أنهما عملا على الظن!
فما نراه اعتمد على حجة! ومن أين له أن تمكن الحسن كان أكثر من تمكن الحسين!

(1) الشافي: (يقال له).
(2) الشافي: (ونحن ننازعه في ذلك كل النزاع، ونذهب إلى دفعه أشد الدفع، وهو لا ينازعه في تلوين صاحبه في الاحكام، فلم يشتبه الأمران).
(3) الشافي: (ونحن ننازعه في ذلك كل النزاع، ونذهب إلى دفعه أشد الدفع، وهو لا ينازعه في تلوين صاحبه في الاحكام، فلم يشتبه الأمران).
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281