وهذه المسائل كلها مذهب أبي حنيفة ويوافقه الشافعي في كثير منها ومن تأملها علم أن مبنى الحدود على الاسقاط بالشبهات وإن ضعفت.
فان قلت: كل هذا لا يلزم المرتضى، لان مذهبه في فروع الفقه مخالف لمذهب الفقهاء قلت: ذكر محمد بن النعمان - وهو شيخ المرتضى، الذي قرأ عليه فقه الامامية - في كتاب (المقنعة) إن الشهود الأربعة إن تفرقوا في الشهادة بالزنا ولم يأتوا بها مجتمعين في وقت في مكان واحد سقط الحد عن المشهود عليه، ووجب عليهم حد القذف.
قال: وإذا أقر الانسان على نفسه بالزنا أربع مرات على اختيار منه للاقرار وجب عليه الحد وإن أقر مرة أو مرتين أو ثلاثا لم يجب عليه الحد بهذا الاقرار وللامام أن يؤدبه باقراره على نفسه حسب ما يراه فإن كان أقر على امرأة بعينها جلد حد القذف.
قال: وإن جعل في الحفرة ليرجم وهو مقر على نفسه بالزنا ففر منها، ترك ولم يرد لان فراره رجوع عن الاقرار وهو أعلم بنفسه.
قال: ولا يجب الرجم على المحصن الذي يعده الفقهاء محصنا وهو من وطئ امرأة في نكاح صحيح وإنما الاحصان عندنا من له زوجه أو ملك يمين يستغنى بها عن غيرها ويتمكن من وطئها فان كانت مريضة لا يصل إليها بنكاح أو صغيرة لا يوطأ مثلها أو غائبة عنه أو محبوسة لم يكن محصنا بها ولا يجب عليه الرجم.
قال: ونكاح المتعة لا يحصن عندنا وإذا كان هذا مذهب الإمامية فقد اتفق قولهم وأقوال الفقهاء في سقوط الرجم بأدنى سبب والذي رواه أبو الفرج الأصفهاني إن زيادا لم يحضر في المجلس الأول وأنه حضر في مجلس ثان فلعل إسقاط الحد كان لهذا.
ثم نعود إلى تصفح ما اعترض به المرتضى كلام قاضى القضاة.