أما قوله كان الحد في حكم الثابت فإن الله تعالى لم يوجب الحد إلا إذا كان ثابتا ولم يوجبه إذا كان في حكم الثابت ويسأل عن معنى قوله في (حكم الثابت) هل المراد بذلك أنه قريب من الثبوت وإن لم يثبت حقيقة أم المراد أنه قد ثبت وتحقق؟ فإن أراد الثاني، قيل له: لا نسلم أنه ثبت لان الشهادة لم تتم وقد اعترف المرتضى بذلك وأقر بأن الشهادة لم تكمل ولكنه نسب ذلك إلى تلقين عمر وإن أراد الأول قيل له: ليس يكفي في وحوب الحد أن يكون قريبا إلى الثبوت لأنه لو كفى ذلك لحد الانسان بشهادة ثلاثة من الشهود.
وأما قوله: إن عمر لقنه وكره أن يشهد فلا ريب أن الامر وقع كذلك، وقد قلنا:
إن هذا جائز بل مندوب إليه، وروينا عن أمير المؤمنين ما رويناه وذكرنا قول الفقهاء في ذلك وأنهم استحبوا أن يقول القاضي للمقر بالزنا تأمل ما تقوله، لعلك مسستها أو قبلتها!.
فأما قول المرتضى: إنه درأ الحد عن واحد وكان درؤه عن ثلاثة أولى فقد أجاب قاضى القضاة عنه بأنه ما كان يمكن دفعه عنهم فأما قول المرتضى: بل قد كان يمكن دفعه عنهم، بألا يلقن الرابع الامتناع من الشهادة، فقد أجاب قاضى القضاة عنه: بأن الزنا ووسم الانسان به أعظم وأشنع وأفحش من أن يوسم بالكذب والافتراء وعقوبة الزاني أعظم من عقوبة الكاذب القاذف عند الله تعالى في دار التكليف، يبين ذلك أن الله تعالى أوجب جلد ثلاثة من المسلمين لتخليص واحد شهد الثلاثة عليه بالزنا فلو لم يكن هذا المعنى ملحوظا في نظر الشارع لما أوجبه فكيف يقول المرتضى: ليس لأحد الامرين إلا ما في الاخر!.
وأما خبر السارق الذي رواه قاضى القضاة وقول المرتضى في الاعتراض عليه ليس في دفع الحد عن السارق إيقاع غيره في المكروه وقصة المغيرة تخالف هذا فليس بجيد