شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٤٤
أما قوله كان الحد في حكم الثابت فإن الله تعالى لم يوجب الحد إلا إذا كان ثابتا ولم يوجبه إذا كان في حكم الثابت ويسأل عن معنى قوله في (حكم الثابت) هل المراد بذلك أنه قريب من الثبوت وإن لم يثبت حقيقة أم المراد أنه قد ثبت وتحقق؟ فإن أراد الثاني، قيل له: لا نسلم أنه ثبت لان الشهادة لم تتم وقد اعترف المرتضى بذلك وأقر بأن الشهادة لم تكمل ولكنه نسب ذلك إلى تلقين عمر وإن أراد الأول قيل له: ليس يكفي في وحوب الحد أن يكون قريبا إلى الثبوت لأنه لو كفى ذلك لحد الانسان بشهادة ثلاثة من الشهود.
وأما قوله: إن عمر لقنه وكره أن يشهد فلا ريب أن الامر وقع كذلك، وقد قلنا:
إن هذا جائز بل مندوب إليه، وروينا عن أمير المؤمنين ما رويناه وذكرنا قول الفقهاء في ذلك وأنهم استحبوا أن يقول القاضي للمقر بالزنا تأمل ما تقوله، لعلك مسستها أو قبلتها!.
فأما قول المرتضى: إنه درأ الحد عن واحد وكان درؤه عن ثلاثة أولى فقد أجاب قاضى القضاة عنه بأنه ما كان يمكن دفعه عنهم فأما قول المرتضى: بل قد كان يمكن دفعه عنهم، بألا يلقن الرابع الامتناع من الشهادة، فقد أجاب قاضى القضاة عنه: بأن الزنا ووسم الانسان به أعظم وأشنع وأفحش من أن يوسم بالكذب والافتراء وعقوبة الزاني أعظم من عقوبة الكاذب القاذف عند الله تعالى في دار التكليف، يبين ذلك أن الله تعالى أوجب جلد ثلاثة من المسلمين لتخليص واحد شهد الثلاثة عليه بالزنا فلو لم يكن هذا المعنى ملحوظا في نظر الشارع لما أوجبه فكيف يقول المرتضى: ليس لأحد الامرين إلا ما في الاخر!.
وأما خبر السارق الذي رواه قاضى القضاة وقول المرتضى في الاعتراض عليه ليس في دفع الحد عن السارق إيقاع غيره في المكروه وقصة المغيرة تخالف هذا فليس بجيد
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281