شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٥٠
وقول قاضى القضاة كيف تحتمل مسألة واحدة سبعين وجها! جوابه أنه لم يقع الامر بموجب ما توهمه بل المراد أن قوما تحاكموا إليه في هذه المسألة مثلا اليوم، فأفتى فيها بفتيا، نحو أن يقول في جد وبنت وأخت: للبنت النصف والباقي بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، وهو قول زيد بن ثابت، ثم يتحاكم إليه بعد أيام في هذه المسألة بعينها قد وقعت لقوم آخرين فيقول: للبنت النصف وللجد السدس والباقي للأخت وهو المذهب المحكى عن علي عليه السلام وذلك بأن يتغلب على ظنه ترجيح هذه الفتيا على ما كان أفتى به من قبل ثم تقع هذه المسألة بعينها بعد شهر آخر فيفتي فيها بفتيا أخرى فيقول: للبنت النصف والباقي بين الجد والأخت نصفين وهو مذهب ابن مسعود ثم تقع المسألة بعينها بعد شهر آخر فيقضى فيها بالفتيا الأولى وهي مذهب زيد بأن يعود ظنه مترجحا متغلبا لمذهب زيد ثم تقع المسألة بعينها بعد وقت آخر فيفتي فيها بقول علي عليه السلام وهكذا لا تزال المسألة بعينها تقع وأقواله فيها تختلف وهي ثلاثة لا مزيد عليها إلا أنه لا يزال يفتى فيها فتاوى مختلفة إلى أن توفى فأحصيت فكانت سبعين فتيا.
فما احتجاج قاضى القضاة بقصة أسرى بدر فجيد وأما ما اعترض به المرتضى فليس بجيد لان المسألة من باب الشرع، وهو قتل الأسرى أو تخليتهم بالفداء والقتل وإراقة الدم من أهم المسائل الشرعية وقد علم من الشارع شدة العناية بأمر الدنيا فإن كانت أحكام الشرع لا يجوز أن تتلقى وأن يفتى فيها إلا بطريق معلومة وأن الظن والاجتهاد لا مدخل له في الشرع - كما يذهب إليه - المرتضى فكيف جاز من رسول الله صلى الله عليه وآله أن يشاور في أحكام شرعية من لا طريق له إلى العلم وإنما قصارى أمره الظن والاجتهاد والحسبان! وكيف مدحهما جميعا وقد اختلفا ولا بد أن يكون أحدهما مخطئا!.
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281