وكتب عمر إلى عماله يوصيهم، فقال في جملة الكتاب: ارتدوا، وائتزروا، وانتعلوا، وألقوا الخفاف والسراويلات والقوا الركب (1) وانزوا نزوا على الخيل واخشوشنوا وعليكم بالمعدية - أو قال: وتمعددوا وارموا الأغراض، وعلموا فتيانكم العوم والرماية، وذروا التنعم وزي العجم، وإياكم والحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عنه وقال:
(لا تلبسوا من الحرير إلا ما كان هكذا) وأشار بأصبعه.
* * * وكتب إلى بعض عماله إن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته وإن أشقى الرعاة من شقيت به رعيته فإياك أن تزيغ فتزيغ رعيتك فيكون مثلك عند الله مثل البهيمة رأت الخضرة في الأرض فرعت فيها تبغى السمن، وحتفها في سمنها * * * وكتب إلى أبى موسى وهو بالبصرة، بلغني أنك تأذن للناس الجماء (2) الغفير فإذا جاءك كتابي هذا فإذن لأهل الشرف وأهل القرآن والتقوى والدين، فإذا أخذوا مجالسهم فأذن للعامة، ولا تؤخر عمل اليوم لغد فتتداك عليك الأعمال فتضيع، وإياك واتباع الهوى فإن للناس أهواء متبعة ودنيا مؤثرة، وضغائن محمولة وحاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة فإنه من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة كان مرجعه إلى الرضا والغبطة ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه، عاد أمره إلى الندامة والحسرة إنه لا يقيم أمر الله في الناس إلا خصيف العقدة (3) بعيد القرارة لا يحنق على جرة ولا يطلع الناس منه على عورة، ولا يخاف في الحق لومه لائم الزم أربع خصال يسلم لك دينك تحيط بأفضل حظك: إذا حضر الخصمان فعليك بالبينات العدول والايمان القاطعة ثم ائذن