شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٩٢
وكتب عمر إلى عماله يوصيهم، فقال في جملة الكتاب: ارتدوا، وائتزروا، وانتعلوا، وألقوا الخفاف والسراويلات والقوا الركب (1) وانزوا نزوا على الخيل واخشوشنوا وعليكم بالمعدية - أو قال: وتمعددوا وارموا الأغراض، وعلموا فتيانكم العوم والرماية، وذروا التنعم وزي العجم، وإياكم والحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عنه وقال:
(لا تلبسوا من الحرير إلا ما كان هكذا) وأشار بأصبعه.
* * * وكتب إلى بعض عماله إن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته وإن أشقى الرعاة من شقيت به رعيته فإياك أن تزيغ فتزيغ رعيتك فيكون مثلك عند الله مثل البهيمة رأت الخضرة في الأرض فرعت فيها تبغى السمن، وحتفها في سمنها * * * وكتب إلى أبى موسى وهو بالبصرة، بلغني أنك تأذن للناس الجماء (2) الغفير فإذا جاءك كتابي هذا فإذن لأهل الشرف وأهل القرآن والتقوى والدين، فإذا أخذوا مجالسهم فأذن للعامة، ولا تؤخر عمل اليوم لغد فتتداك عليك الأعمال فتضيع، وإياك واتباع الهوى فإن للناس أهواء متبعة ودنيا مؤثرة، وضغائن محمولة وحاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة فإنه من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة كان مرجعه إلى الرضا والغبطة ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه، عاد أمره إلى الندامة والحسرة إنه لا يقيم أمر الله في الناس إلا خصيف العقدة (3) بعيد القرارة لا يحنق على جرة ولا يطلع الناس منه على عورة، ولا يخاف في الحق لومه لائم الزم أربع خصال يسلم لك دينك تحيط بأفضل حظك: إذا حضر الخصمان فعليك بالبينات العدول والايمان القاطعة ثم ائذن

(1) الركب: جمع ركاب، وهو للسرج كالغرز للرحل.
(2) أي القوم مجتمعين.
(3) أي الذي يحكم أمره.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281