شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٩٠
الكعبة إلى بيت المقدس، بل لو أسقط عن الناس إحدى الصلوات الخمس واقتنع منهم بأربع وذلك لان همم الناس مصروفة إلى الدنيا والأموال، فإذا وجدوها سكتوا، وإذا فقدوها هاجوا واضطربوا ألست ترى رسول الله صلى الله عليه وآله كيف قسم غنائم هوازن على المنافقين وعلى أعدائه الذين يتمنون قتله وموته وزوال دولته فلما أعطاهم أحبوه إما كلهم أو أكثرهم ومن لم يحبه منهم بقلبه جامله وداراه، وكف عن إظهار عداوته والإجلاب عليه ولو أن عليا صانع أصحابه بالمال وأعطاه الوجوه والرؤساء لكان أمره إلى الانتظام والإطراد أقرب، ولكنه رفض جانب التدبير الدنيوي وآثر لزوم الدين وتمسك بأحكام الشريعة، والملك أمر آخر غير الدين فاضطرب عليه أصحابه وهرب كثير منهم إلى عدوه.
وقد ذكرت في هذا الفصل خلاصه ما حفظته عن النقيب أبى جعفر ولم يكن إمامي المذهب، ولا كان يبرأ من السلف ولا يرتضى قول المسرفين من الشيعة ولكنه كلام أجراه على لسانه البحث والجدل بيني وبينه على أن العلوي لو كان كراميا لا بد أن يكون عنده نوع من تعصب وميل على الصحابة وإن قل.
* * * ولنرجع إلى ذكر كلام عمر من خطبته وسيرته.
كتب عمر إلى أبى موسى لما استعمله قاضيا وبعثه إلى العراق من عبد الله أمير المؤمنين عمر إلى عبد الله بن قيس سلام عليك أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلى إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاد له آس (1) بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك حتى لا يطمع شريف في

(1) قال أبو العباس المبرد: (قوله: آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك، أي سوء بينهم.
وتقديره: اجعل بعضهم أسوة بعض).
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281