أعقبه فحملناه حتى انتهينا إلى ضرار فإذا صرم (1) من نحو عشرين بيتا من محارب فقال عمر: ما أقدمكم؟ قالوا الجهد وأخرجوا لنا جلد الميتة مشويا كانوا يأكلونه ورمة العظام مسحوقة كانوا يستفونها فرأيت عمر طرح رداءه ثم برز فما زال يطبخ لهم حتى شبعوا وأرسل أسلم إلى المدينة فجاء بأبعره فحملهم عليها، ثم أنزلهم الجبانة، ثم كساهم وكان يختلف إليهم وإلى غيرهم حتى كفى الله ذلك.
* * * وروى راشد بن سعد أن عمر أتى بمال، فجعل يقسم بين الناس، فازدحموا عليه فاقبل سعد بن أبي وقاص يزاحم الناس حتى خلص إليه فعلاه عمر بالدرة وقال: إنك أقبلت، لا تهابن سلطان الله في الأرض، فأحببت بأن أعلمك أن سلطان الله لا يهابك.
* * * وقالت: الشفاء ابنة عبد الله - ورأت فتيانا من النساك يقتصدون في المشي ويتكلمون رويدا: ما هؤلاء فقيل؟ نساك، فقالت كان عمر بن الخطاب هو الناسك حقا، وكان إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع.
* * * أعان عمر رجلا على حمل شئ، فدعا له الرجل وقال: نفعك بنوك يا أمير المؤمنين!
قال: بل أغناني الله عنهم.
من كلامه القوة في العمل ألا يؤخر عمل اليوم لغد والأمانة، ألا تخالف سريرتك علانيتك والتقوى بالتوقي، ومن يتق الله يقه.