مر عمر برجل فسلم عليه فرد عليه، فقال: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: أبو من؟
قال: أبو شهاب، قال: ممن؟ قال: من الحرقة، قال: وأين مسكنك؟ قال: بحرة النار قال: بأيها؟ قال: بذات لظى، فقال: ويحك! أدرك أهلك فقد احترقوا فمضى عليهم فوجدهم قد احترقوا.
* * * وروى الليث بن سعد، قال: أتى عمر بفتى أمرد قد وجد قتيلا ملقى على وجه الطريق فسأل عن أمره واجتهد فلم يقف له على خبر فشق عليه فكان يدعو ويقول اللهم أظفرني بقاتله حتى إذا كان رأس الحول أو قريبا من ذلك وجد طفل مولود ملقى في موضع ذلك القتيل فأتى به عمر، فقال: ظفرت بدم القتيل إن شاء الله تعالى! فدفع الطفل إلى امرأة، وقال: لها قومي بشأنه وخذي منا نفقته وانظري من يأخذه منك، فإذا وجدت امرأة تقبله وتضمه إلى صدرها فأعلميني مكانها فلما شب الصبي جاءت جارية، فقالت: للمرأة إن سيدتي بعثتني إليك لتبعثي إليها بهذا الصبي فتراه وترده إليك قالت: نعم ذهبي به إليها وأنا معك فذهبت بالصبي حتى دخلت على امرأة شابة فأخذت الصبي فجعلت تقبله وتفديه وتضمه إليها وإذا هي بنت شيخ من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت المرأة وأخبرت عمر، فاشتمل على سيفه وأقبل إلى منزلها، فوجد أباها متكئا على الباب، فقال له:
ما الذي تعلم من حال ابنتك؟ قال: أعرف الناس بحق الله وحق أبيها مع حسن صلاتها وصيامها والقيام بدينها فقال: إني أحب أن أدخل إليها وأزيدها رغبة في الخير فدخل الشيخ، ثم خرج فقال: الدخل يا أمير المؤمنين فدخل وأمر أن يخرج كل من في الدار إلا أباها ثم سألها عن الصبي فلجلجت فقال: لتصدقيني ثم انتضى السيف فقالت: على رسلك يا أمير المؤمنين! فوالله! لأصدقنك إن عجوزا كانت تدخل على فاتخذتها أما وكانت تقوم في أمري بما تقوم به الوالدة وأنا لها بمنزلة البنت