شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٩١
حيفك (1) ولا ييأس ضعيف من عدلك البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا لا يمنعنك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق فان الحق ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل الفهم الفهم فيما تلجلج (2) في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة ثم اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور عند ذلك واعمد إلى أقربها إلى الله عز وجل وأشبهها بالحق واجعل لمن ادعى حقا غائبا أو بينه أمدا ينتهى إليه فإن أحضر بينته أخذت له بحقه وإلا استحللت عليه القضية فإنه أنفى للشك وأجلى للعمى. المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا (3) في ولاء أو نسب فإن الله عز وجل تولى منكم السرائر ودرأ عنكم (4) بالبينات والايمان الشبهات إياك والغلق (5) والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات فإن الحق في مواطن الحق يعظم الله به الاجر، ويحسن به الذخر، فمن صحت نيته وأقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تخلق للناس بما يعلم الله عز وجل منه أنه ليس من نفسه، شانه الله، فما ظنك بثواب الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته، والسلام.
ذكر هذه الرسالة أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في كتاب (الكامل) (6) وأطراها فقال: إنه جمع فيها جمل الاحكام واختصرها بأجود الكلام وجعل الناس بعده يتخذونه إماما فلا يجد محق عنها معدلا ولا ظالم عن حدودها محيصا.

(١) حيفك: ميلك.
(٢) تلجلج: تردد.
(٣) الظنين: المتهم.
(٤) درأ بالبينات: دفع.
(٥) الغلق: ضيق الصدر وقلة الصبر.
(٦) الكامل ١: ١٢ - 14 (طبعة نهضة مصر)
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281