شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٥٥
الرسول صلى الله عليه وآله، وانه كان متدينا بالاسلام وتابعا للرسول الذي جاء به فوجب أن يحمل كلامه على أنه أراد انهما كانتا ثم حرمتا، ثم انا الان أعاقب من فعلهما، لأنه قد كان بلغه عن قوم من المسلمين بعد علمهم بالتحريم، وقول المرتضى: لعله كان اعتقد ان الإباحة أيام رسول الله صلى الله عليه وآله كانت مشروطة بشرط لم يوجد في أيامه، قول يبطل طعنه في عمر، ويمهد له عذرا ويصير المسألة اجتهادية.
واما طعنه في الاحتجاج على تصويب عمر بترك الانكار عليه وقوله: فهلا أنكروا عليه قوله: لا أرى أحدا يستمتع الا رجمته، فليس بطعن مستقيم، وإنما يكون طعنا صحيحا لو كان أتى بمتمتع فامر برجمه، فاما ان ينكروا عليه وعيده وتهديده لا لانسان معين بل كلاما مطلقا، وقولا كليا يقصد به حسم المادة في المتعة، وتخويف فاعلها، فإنه ليس بمحل للإنكار عليه، وما زالت الأئمة والصالحون يتوعدون بأمر ليس في نفوسهم فعله، على طريق التأديب والتهذيب، على أن قوما من الفقهاء قد أوجبوا إقامة الحد على المتمتع، فلا يمتنع ان يكون عمر ذاهبا إلى هذا المذهب.
فأما ما رواه عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن الطاهرين من أولاده، من تحليل المتعة، فلسنا في هذا المقام نناكره في ذلك وننازعه فيها، والمسألة فقهية من فروع الشريعة وليس كتابنا موضوعا لذكره ولا الموضع الذي نحن فيه يقتضى الحجاج فيها، والبحث في تحليلها وتحريمها، وإنما الموضع موضع الكلام في حال عمر، وما نقل عنه من الكلمة، هل يقتضى ذلك الطعن في دينه أم لا؟
فأما متعة الحج فقد اعتذر لنفسه، وقال ما قدمنا ذكره، من أن الحج بهاء من بهاء الله وان التمتع يكسفه ويذهب نوره ورونقه، وانهم يظلون معرسين تحت الأراك ثم
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281