شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٢٥
وأكل فما رأيت أحدا أحسن أكلا منه ما يتلبس طعامه بيده ولا فمه ثم قال:
اسقونا فجاءوا بعس من سلت (1) فقال: أعط الرجل فشربت قليلا وإن سويقي الذي معي لأطيب منه ثم أخذه فشربه حتى قرع القدح جبهته ثم قال: الحمد لله الذي أطعمنا فأشبعنا وسقانا فأروانا إنك يا هذا لضعيف الاكل ضعيف الشرب فقلت يا أمير المؤمنين إن لحاجة قال: ما حاجتك؟ قلت: أنا رسول سلمة بن قيس فقال:
مرحبا بسلمة ورسوله فكأنما خرجت من صلبه حدثني عن المهاجرين كيف هم؟
قلت كما تحب يا أمير المؤمنين من السلامة والظفر والنصر على عدوهم قال: كيف أسعارهم؟ قلت: أرخص أسعار قال: كيف اللحم فيهم فإنه شجرة العرب ولا تصلح العرب إلا على شجرتها؟ قلت: البقرة فيهم بكذا، والشاة فيهم بكذا ثم سرنا يا أمير المؤمنين حتى لقينا عدونا من المشركين فدعوناهم إلى الذي أمرت به من الاسلام فأبوا فدعوناهم إلى الخراج فأبوا فقاتلناهم فنصرنا الله عليهم فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية وجمعنا الرثة (2) فرأى سلمة في الرثة حلية فقال للناس: إن هذا لا يبلغ فيكم شيئا أفتطيب أنفسكم أن أبعث به إلى أمير المؤمنين؟ قالوا: نعم ثم استخرجت سفطي ففتحته (3) فلما نظر إلى تلك الفصوص من بين أحمر وأخضر وأصفر وثب وجعل يده في خاصرته يصيح صياحا عاليا ويقول لا أشبع الله إذن بطن عمر! يكررها فظن النساء أنى جئت لأغتاله فجئن إلى الستر فكشفنه فسمعنه يقول لف ما جئت به يا يرفأ جاء عنقه (4) قال: فأنا أصلح سفطي ويرفأ يجأ عنقي. ثم قال: النجاء النجاء!
قلت يا أمير المؤمنين انزع بي فاحملني فقال: يا يرفأ أعطه راحلتين من إبل الصدقة

(1) السلت: شعير لا قشر له، يتبرد بسويقه.
(2) الطبري: (الرشة).
(3) السفط وعاء كالجوالق.
(4) جاء: اضرب.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281