شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٣٠
فأما قوله عليه السلام (هلا قبل أن تأتيني به!) فلا يشبه كل ما نحن فيه لأنه بين أن ذلك القول يسقط الحد لو تقدم وليس فيه تلقين يوجب إسقاط الحد.
فأما ما حكاه عن أبي على من أن القذف من الثلاثة كان قد تقدم وأنهم لو لم يعيدوا الشهادة لكان يحدهم لا محالة فغير معروف والظاهر المروى خلافه وهو أنه حدهم عند نكول زياد عن الشهادة وأن ذلك كان السبب في إيقاع الحد بهم وتأوله (1) عليه: لقد خفت أن يرميني الله بحجارة من السماء لا يليق بظاهر الكلام لأنه يقتضى التندم والتأسف على تفريط وقع ولم يخاف أن يرمى بالحجارة وهو لم يدرأ الحد عن مستحق له! ولو أراد الردع والتخويف للمغيرة لأتى بكلام يليق بذلك ولا يقتضى إضافة التفريط إلى نفسه وكونه واليا من قبله لا يقتضى أن يدرأ عنه الحد ويعدل به إلى غيره.
وأما قوله: إنا ما كنا نعلم أن زيادا كان يتمم الشهادة، فقد بينا أن ذلك كان معلوما بالظاهر ومن قرأ ما روى في هذه القصة علم بلا شك أن حال زياد كحال الثلاثة في أنه إنما حضر للشهادة، وإنما عدل عنها لكلام عمر.
وقوله: إن الشرع يبيح السكوت، ليس بصحيح لان الشرع قد حظر كتمان الشهادة.
فأما استدلاله على أن زيادا لم يفسق بالإمساك عن الشهادة بتوليه أمير المؤمنين عليه السلام له فارس فليس بشئ يعتمد لأنه لا يمتنع أن يكون قد تاب بعد ذلك وأظهر توبته لأمير المؤمنين عليه السلام فجاز أن يوليه وقد كان بعض أصحابنا يقول في قصة المغيرة شيئا طيبا وإن كان معتملا في باب الحجة كان يقول: إن زيادا إنما امتنع من التصريح بالشهادة المطلوبة في الزنا وقد شهد بأنه شاهده بين شعبها الأربع وسمع نفسا عاليا فقد صح على المغيرة بشهادة الأربع جلوسه منها مجلس الفاحشة إلى غير ذلك

(1) الشافي: (وما تأول عليه).
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281