وروى أبو جعفر الطبري في التاريخ أن عمر بعث سلمة بن قيس الأشجعي إلى طائفة من الأكراد كانوا على الشرك فخرج إليهم في جيش سرحه معه من المدينة فلما انتهى إليهم دعاهم إلى الاسلام أو إلى أداء الجزية فأبوا فقاتلهم فنصره الله عليهم فقتل المقاتلة وسبى الذرية وجمع الرثة (1) ووجد حلية وفصوصا وجواهر فقال: لأصحابه أتطيب أنفسكم أن نبعث بهذا إلى أمير المؤمنين؟ فإنه غير صالح لكم وإن على أمير المؤمنين لمؤنة وأثقالا! قالوا: نعم قد طابت أنفسنا فجعل تلك الجواهر في سفط وبعث به مع واحد من أصحابه وقال له: سر فإذا أتيت البصرة فاشتر راحلتين فأوقرهما زادا لك ولغلامك وسر إلى أمير المؤمنين قال: ففعلت فأتيت عمر وهو يغدى الناس قائما متكئا على عصا كما يصنع الراعي وهو يدور على القصاع فيقول يا يرفأ زد هؤلاء لحما زد هؤلاء خبزا زد هؤلاء مرقة فجلست في أدنى الناس فإذا طعام فيه خشونة طعامي الذي معي أطيب منه فلما فرغ أدبر فاتبعته فدخل دارا فاستأذنت ولم أعلم حاجبه من أنا فأذن لي فوجدته في صفة جالسا على مسح متكئا على وسادتين من أدم محشوتين ليفا وفى الصفة عليه ستر من صوف فنبذ إلى إحدى الوسادتين فجلست عليها فقال: يا أم كلثوم ألا تغدوننا! فأخرج إليه خبزة بزيت في عرضها ملح لم يدق فقال: يا أم كلثوم ألا تخرجين إلينا تأكلين معنا؟ فقالت:
إني أسمع عندك حس رجل قال: نعم ولا أراه من أهل هذا البلد قال: قذاك حين عرفت أنه لم يعرفني - فقالت لو أردت أن أخرج إلى الرجال لكسوتني كما كسا الزبير امرأته وكما كسا طلحة امرأته قال: أو ما يكفيك أنك أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب وزوجة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب! قالت: إن ذاك عنى لقليل الغناء قال: كل فلو كانت راضية لأطعمتك أطيب من هذا فأكلت قليلا وطعامي الذي معي أطيب منه