وأن الناس قد قعدوا لهم برأس كل محجة، وعلى كل طريق، فجعلوهم مرمى العر والعضيهة (1)، ومقذف القشب (2) والأفيكة، وقد علمتم أنها لم تأت عثمان إلا كرها، تجبذ من ورائها. وإني خائف إن قتل أن تكون من بنى أمية بمناط الثريا، إن لم نصر كرصيف الأساس المحكم، ولئن وهي عمود البيت لتتداعين جدرانه، والذي عيب عليه إطعامكما الشام واليمن، ولا شك إنكما تابعاه إن لم تحذرا، وأما أنا فمساعف كل مستشير، ومعين كل مستصرخ، ومجيب كل داع، أتوقع الفرصة فأثب وثبة الفهد أبصر غفلة مقتنصة، ولولا مخافة عطب البريد، وضياع الكتب، لشرحت لكما من الامر ما لا تفزعان معه إلى أن يحدث الامر، فجدا في طلب ما أنتما ولياه، وعلى ذلك فليكن العمل إن شاء الله. وكتب في آخره:
وما بلغت عثمان حتى تخطمت * رجال ودانت للصغار رجال لقد رجعت عودا على بدء كونها * وإن لم تجدا فالمصير زوال سيبدئ مكنون الضمائر قولهم * ويظهر منهم بعد ذاك فعال فإن تقعدا لا تطلبا ما ورثتما * فليس لنا طول الحياة مقال نعيش بدار الذل في كل بلدة * وتظهر منا كأبة وهزال.
فلما ورد الكتاب على معاوية، أذن في الناس: الصلاة جامعة! ثم خطبهم خطبة المستنصر المستصرخ.
وفى أثناء ذلك ورد عليه قبل أن يكتب الجواب، كتاب مروان بقتل عثمان، وكانت نسخته: وهب الله لك أبا عبد الرحمن قوة العزم، وصلاح النية، ومن عليك بمعرفة الحق واتباعه، فإني كتبت إليك هذا الكتاب بعد قتل عثمان أمير المؤمنين عليه السلام،