قبلي، والزبير فغير متقدم عليك بفضل، وأيكما قدم صاحبه فالمقدم الامام، والامر من بعده للمقدم له، سلك الله بك قصد المهتدين، ووهب لك رشد الموفقين. والسلام.
وكتب إلى الزبير: أما بعد، فإنك الزبير بن العوام، بن أبي خديجة وابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه، وسلفه، وصهر أبى بكر، وفارس المسلمين، وأنت الباذل في الله مهجته بمكة عند صيحة الشيطان، بعثك المنبعث، فخرجت كالثعبان المنسلخ.
بالسيف المنصلت، تخبط خبط الجمل الرديع (1)، كل ذلك قوة إيمان، وصدق يقين، وسبقت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم البشارة بالجنة، وجعلك عمر أحد المستخلفين على الأمة. واعلم يا أبا عبد الله، أن الرعية أصبحت كالغنم المتفرقة لغيبة الراعي، فسارع رحمك الله إلى حقن الدماء ولم الشعث، وجمع الكلمة، وصلاح ذات البين، قبل تفاقم الامر وانتشار الأمة، فقد أصبح الناس على شفا جرف هار عما قليل ينهار إن لم يرأب. فشمر لتأليف الأمة، وابتغ إلى ربك سبيلا، فقد أحكمت الامر على من قبلي لك ولصاحبك على أن الامر للمقدم، ثم لصاحبه من بعده. جعلك الله من أئمة الهدى، وبغاة الخير والتقوى. والسلام.
وكتب إلى مروان بن الحكم:
أما بعد، فقد وصل إلي كتابك بشرح خبر أمير المؤمنين، وما ركبوه به، ونالوه منه، جهلا بالله وجراءة عليه، واستخفافا بحقه، ولأماني لوح الشيطان بها في شرك الباطل ليدهدههم (2) في أهويات الفتن، ووهدات الضلال، ولعمري لقد صدق عليهم ظنه، ولقد اقتنصهم بأنشوطة فخه. فعلى رسلك أبا عبد الله، يمشى الهوينى ويكون أولا، فإذا قرأت كتابي هذا فكن كالفهد لا يصطاد إلا غيلة، ولا يتشازر (3) إلا عن حيلة،