وكالثعلب لا يفلت إلا روغانا. واخف نفسك منهم إخفاء القنفذ رأسه عند لمس الأكف، وامتهن نفسك امتهان من ييأس القوم من نصره وانتصاره، وابحث عن أمورهم بحث الدجاجة عن حب الدخن عند فقاسها، وأنغل (1) الحجاز فإني منغل الشام. والسلام.
وكتب إلى سعيد بن العاص:
أما بعد، فإن كتاب مروان ورد على من ساعة وقعت النازلة، تقبل به البرد بسير المطي الوجيف (2)، تتوجس توجس الحية الذكر خوف ضربة الفأس، وقبضة الحاوي (3)، ومروان الرائد لا يكذب أهله، فعلام الإفكاك يا بن العاص، ولات حين مناص! ذلك أنكم يا بنى أمية عما قليل تسألون أدنى العيش من أبعد المسافة، فينكركم من كان منكم عارفا، ويصد عنكم من كان لكم واصلا، متفرقين في الشعاب تتمنون لمظة (4) المعاش، إن أمير المؤمنين عتب عليه فيكم، وقتل في سبيلكم، ففيم القعود عن نصرته، والطلب بدمه، وأنتم بنو أبيه، ذوو رحمه وأقربوه، وطلاب ثأره! أصبحتم متمسكين بشظف معاش زهيد، عما قليل ينزع منكم عند التخاذل وضعف القوى. فإذا قرأت كتابي هذا فدب دبيب البرء في الجسد النحيف، وسر سير النجوم تحت الغمام، واحشد حشد الذرة (5) في الصيف لانجحارها في الصرد، فقد أيدتكم بأسد وتيم. وكتب في الكتاب:
تالله لا يذهب شيخي باطلا * حتى أبير مالكا وكاهلا (6)