شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٠ - الصفحة ٢٣٨
القاتلين الملك الحلاحلا (1) * خير معد حسبا ونائلا (2).
وكتب إلى عبد الله بن عامر:
أما بعد، فإن المنبر مركب ذلول، سهل الرياضة، لا ينازعك اللجام. وهيهات ذلك إلا بعد ركوب أثباج المهالك، واقتحام أمواج المعاطب. وكأني بكم يا بنى أمية شعارير (3) كالأوارك، تقودها الحداة، أو كرخم الخندمة (4) تذرق (5) خوف العقاب، فثب الان رحمك الله قبل أن يستشري الفساد وندب (6) السوط جديد، والجرح لما يندمل، ومن قبل استضراء الأسد، والتقاء لحييه، على فريسته وساور الامر مساورة الذئب الأطلس كسيرة القطيع. ونازل الرأي، وانصب الشرك، وارم عن تمكن، وضع الهناء مواضع النقب (7)، واجعل أكبر عدتك الحذر، وأحد سلاحك التحريض. واغض عن العوراء، وسامح اللجوج، واستعطف الشارد، ولاين الأشوس، وقو عزم المريد، وبادر العقبة، وازحف زحف الحية. واسبق قبل أن تسبق، وقم قبل أن يقام لك.
واعلم أنك غير متروك ولا مهمل، فإني لكم ناصح أمين. والسلام.
وكتب في أسفل الكتاب:

(1) الحلاحل: السيد الشريف، يعنى أباه.
(2) قال شارح ديوانه: قوله: (خير معد)، هو راجع إلى قوله: (مالكا وكاهلا)، لان بنى أسد من معد، وإنما يريد: حتى أهلك أشرف معد وخيرهم، انتصارا لأبي. النائل: العطاء.
(3) شعارير: متفرقون. والأوراك: جمع أركة، وهي الناقة التي تلزم الأراك وترعاه، وشأنها التفرق لتتبع الأراك.
(4) الخندمة: موضع.
(5) ذرق الطائر: سلح.
(6) ندب السوط: أثره.
(7) هنأ البعير: طلاه بالهناء، وهو القطران، والنقب جمع نقبة، وهي أول ما يبدو من الجرب، وأصله قول دريد بن الصمة:
متبذلا لا تبدو محاسنه * يضع الهناء مواضع النقب وانظر اللسان (نقب).
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست