معاوية على سواء، قتل من أصحابه رؤساء، ومن أصحاب معاوية رؤساء، وانصرف كل واحد من الفريقين عن صاحبه بعد الحرب على مكانه، ثم حارب بعد صفين أهل النهروان، فكان الظفر له.
قال: ومن العجب أن أول حروب رسول الله صلى الله عليه وآله كانت بدرا، وكان هو المنصور فيها، وأول حروب علي عليه السلام الجمل، وكان هو المنصور فيها، ثم كان من صحيفة الصلح والحكومة يوم صفين نظير ما كان من صحيفة الصلح والهدنة يوم الحديبية. ثم دعا معاوية في آخر أيام علي عليه السلام إلى نفسه وتسمى بالخلافة، كما أن مسيلمة والأسود العنسي دعوا إلى أنفسهما في آخر أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وتسميا بالنبوة، واشتد على علي عليه السلام ذلك، كما اشتد على رسول الله صلى الله عليه وآله أمر الأسود ومسيلمة، وأبطل الله أمرهما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، وكذلك أبطل أمر معاوية وبنى أمية بعد وفاة علي عليه السلام. ولم يحارب رسول الله صلى الله عليه وآله أحد من العرب إلا قريش ما عدا يوم حنين، ولم يحارب عليا عليه السلام من العرب أحد إلا قريش ما عدا يوم النهروان، ومات علي عليه السلام شهيدا بالسيف، ومات رسول الله صلى الله عليه وآله شهيدا بالسم، وهذا لم يتزوج على خديجة أم أولاده حتى ماتت، وهذا لم يتزوج على فاطمة أم أشرف أولاده حتى ماتت. ومات رسول الله صلى الله عليه وآله عن ثلاث وستين سنه، ومات علي عليه السلام عن مثلها.
وكان يقول: انظروا إلى أخلاقهما وخصائصهما، هذا شجاع وهذا شجاع، وهذا فصيح وهذا فصيح، وهذا سخي جواد وهذا سخي جواد، وهذا عالم بالشرائع والأمور الإلهية، وهذا عالم بالفقه والشريعة والأمور الإلهية الغامضة، وهذا زاهد في الدنيا غير نهم ولا مستكثر منها، وهذا زاهد في الدنيا تارك لها غير متمتع بلذاتها. وهذا مذيب (1) نفسه في الصلاة والعبادة، وهذا مثله. وهذا غير محبب إليه شئ من الأمور العاجلة