وقال شيخنا أبو القاسم وأبو الحسين وأصحابهما: إن معنى كونه تعالى مدركا، هو أنه عالم بالمدركات، ولا صفة له زائدة على صفته بكونه عالما، وهذا البحث مشروع في كتبي الكلامية لتقرير الطريقين و،، شرح الغرر،، وغيرهما.
والقول في شرح قوله: (وكل بصير غيره يعمى عن خفى الألوان، ولطيف الأجسام)، كالقول فيما تقدم في إدراك السمع.
وأما قوله: (وكل ظاهر غيره غير باطن، وكل باطن غيره غير ظاهر) فحق، لان كل ظاهر غيره على التفسير الأول فليس بباطن كالشمس والقمر وغيرهما من الألوان الظاهرة، فإنها ليست إنما تدرك بالقوة العقلية، بل بالحواس الظاهرة، وأما هو سبحانه فإنه أظهر وجودا من الشمس، لكن ذلك الظهور لم يمكن إدراكه بالقوى الحاسة الظاهرة، بل بأمر آخر، إما خفى في باطن هذا الجسد، أو مفارق ليس في الجسد ولا في جهة أخرى غير جهة الجسد.
وأما على التفسير الثاني، فلان كل ملك ظاهر على رعيته أو على خصومه وقاهر لهم، ليس بعالم ببواطنهم، وليس مطلعا على سرائرهم، والباري تعالى بخلاف ذلك، وإذا فهمت شرح القضايا الأولى، فهمت شرح الثانية، وهي قوله: (وكل باطن غيره غير ظاهر).
[اختلاف الأقوال في خلق العالم] فأما قوله: (لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطانه) إلى قوله: (عباد داخرون)، فاعلم أن