شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١١٤
[أبو حمزة الشاري] قال أبو الفرج: ولما سار عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك إلى الشام، وخلف المدينة لبلج، أقبل أبو حمزة من مكة حتى دخلها، فرقى المنبر، فحمد الله وقال: يا أهل المدينة، سألناكم عن ولاتكم هؤلاء، فأسأتم لعمري والله القول فيهم، وسألناكم هل يقتلون بالظن؟
فقلتم: نعم، وسألناكم: هل يستحلون المال الحرام والفرج الحرام؟ فقلتم: نعم، فقلنا لكم:
تعالوا نحن وأنتم، فانشدوا الله وحده أن يتنحوا عنا وعنكم ليختار المسلمون لأنفسهم، فقلتم: لا نفعل، فقلنا لكم: تعالوا نحن وأنتم نلقاهم، فإن نظهر نحن وأنتم (1) يأت من يقيم لنا كتاب الله وسنة نبيه، ويعدل في أحكامكم، ويحملكم على سنة نبيكم، فأبيتم وقاتلتمونا، فقاتلناكم وقتلناكم، فأبعدكم الله وأسحقكم يا أهل المدينة! مررت بكم في زمن الأحول هشام بن عبد الملك، وقد أصابتكم عاهة في ثماركم، فركبتم إليه تسألونه أن يضع خراجكم عنكم، فكتب بوضعه عن قوم من ذوي اليسار منكم، فزاد الغنى غنى، والفقير فقرا (2). وقلتم: جزاه الله خيرا، فلا جزاه خيرا ولا جزاكم!.
قال أبو الفرج: فأما خطبتا أبى حمزة المشهورتان اللتان خطب بهما في المدينة، فإن أحداهما قوله:
تعلمون يا أهل المدينة، أنا لم نخرج من ديارنا وأموالنا أشرا ولا بطرا، ولا عبثا ولا لهوا، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه، ولا لثأر قديم نيل منا، ولكنا لما رأينا مصابيح الحق قد أطفئت، ومعالم العدل قد عطلت، وعنف القائم بالحق، وقتل القائم بالقسط، ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وسمعنا داعيا (3) يدعو إلى طاعة الرحمن، وحكم القرآن، فأجبنا داعي الله، (ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض)

(1) في الأصول: (فإن يظهروا يأت)، وما أثبته من الأغاني، والطبري 9: 107.
(2) في الأصول: (فرد الغنى غنيا، والفقير فقيرا)، وما أثبته من الأغاني.
(3) يريد بالداعي عبد الله بن يحيى
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175