الشرح:
بادروا آجالكم بأعمالكم، أي سابقوها وعاجلوها. البدار: العجلة. وابتاعوا الآخرة الباقية بالدنيا الفانية الزائلة.
وقوله: (فقد جد بكم) أي حثثتم على الرحيل، يقال: جد الرحيل، وقد جد بفلان، إذا أزعج وحث على الرحيل.
واستعدوا للموت، يمكن أن يكون بمعنى (أعدوا)، فقد جاء (استفعل) بمعنى (أفعل) كقولهم: استجاب له، أي أجابه.
ويمكن أن يكون بمعنى الطلب، كما تقول: استطعم، أي طلب الطعام، فيكون بالاعتبار الأول، كأنه قال: أعدوا للموت عدة، وبمعنى الاعتبار الثاني كأنه قال: اطلبوا للموت عدة.
وأظلكم: قرب منكم، كأنه ألقى عليهم ظله، وهذا من باب الاستعارة.
والعبث: اللعب، أو مالا غرض فيه، أو مالا غرض صحيح فيه.
وقوله: (ولم يترككم سدى)، أي مهملين.
وقوله: (أن ينزل به) موضعه رفع لأنه بدل من (الموت)، والغائب المشار إليه هو الموت.
ويحدوه الجديدان: يسوقه الليل والنهار، وقيل: الغائب هنا هو الانسان يسوقه الجديدان إلى الدار التي هي داره الحقيقية، وهي الآخرة، وهو في الدنيا غائب على الحقيقة عن داره التي خلق لها. والأول أظهر.
وقوله: (فتزودوا في الدنيا من الدنيا) كلام فصيح، لان الامر الذي به يتمكن المكلف من إحراز نفسه في الآخرة، إنما هو يكتسبه في الدنيا منها، وهو التقوى والاخلاص والايمان.
والفاء في قوله: (فاتقى عبد ربه)، لبيان ماهية الامر الذي يحرز الانسان به نفسه