لضرب المؤدب إياه، فشق ذلك على عبد الملك، فأقبل عليه الخارجي وقال: [له] (1) دعه يبك، فإنه أرحب لشدقه، وأصح لدماغه، وأذهب لصوته، وأحرى ألا تأبى عليه عينه إذا حضرته طاعة (2)، واستدعى عبرتها.
فأعجب ذلك من قوله عبد الملك، وقال له متعجبا: أما يشغلك ما أنت فيه ويعرضك عن هذا؟ فقال: ما ينبغي أن يشغل المؤمن عن قول الحق شئ، فأمر بحبسه، وصفح عن قتله، وقال بعد معتذرا إليه: لولا أن تفسد بألفاظك أكثر رعيتي ما حبستك، ثم قال:
عبد الملك: لقد شككني ووهمني حتى مالت بي عصمه الله، وغير بعيد أن يستهوي من بعدي (3).
[مرداس بن حدير] قال أبو العباس: وكان من المجتهدين من الخوارج البلجاء، وهي امرأة من بنى حرام ابن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.
وكان مرداس بن حدير أبو بلال، أحد بنى ربيعة بن حنظلة ناسكا، تعظمه الخوارج، وكان كثير الصواب في لفظه مجتهدا، فلقيه غيلان بن خرشة الضبي، فقال: يا أبا بلال، إني سمعت الأمير البارحة - يعنى عبيد الله بن زياد - يذكر البلجاء، وأحسبها ستؤخذ، فمضى إليها أبو بلال فقال: إن الله قد وسع على المؤمنين في التقية (4) فاستتري، فإن هذا