[من خطب عمر بن عبد العزيز] ومن خطب عمر بن عبد العزيز:
إن لكل سفر زادا لا محالة، فتزودا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة، فكونوا كمن عاين ما أعد الله تعالى من ثوابه وعقابه، فرغبوا ورهبوا، ولا يطولن عليكم الامر فتقسو قلوبكم، وتنقادوا لعدوكم، فإنه والله ما بسط أمل من لا يدرى لعله لا يصبح بعد إمسائه، ولا يمسي بعد إصباحه، وربما كانت بين ذلك خطفات (1) المنايا. فكم رأينا وأنتم من كان بالدنيا مغترا فأصبح في حبائل خطوبها ومناياها أسيرا! وإنما تقر عين من وثق بالنجاة من عذاب الله، وإنما يفرح من أمن من أهوال يوم القيامة، فأما من لا يبرأ من كلم إلا أصابه جارح من ناحية أخرى، فكيف يفرح! أعوذ بالله أن أخبركم بما أنهى عنه نفسي، فتخيب صفقتي، وتظهر عورتي، وتبدو مسكنتي، يوم يبدو فيه الغنى والفقير، والموازين منصوبة، والجوارح ناطقة. لقد عنيتم بأمر لو عنيت به النجوم لانكدرت، ولو عنيت به الجبال لذابت، أو الأرض لانفطرت، أما تعلمون أنه ليس بين الجنة والنار منزلة، وأنكم صائرون إلى أحدهما! (2).
ومن خطب عمر بن عبد العزيز:
أيها الناس: [أنكم] (3) لم تخلقوا عبثا، ولم تتركوا سدى، وإن لكم معادا يبين (4) الله لكم فيه الحكم والفصل بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شئ، وحرم الجنة التي عرضها السماوات والأرض.