شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٥٨
الناس اختلفوا في كمية خلقه تعالى للعالم ما هي؟ على أقوال:
القول الأول: قول الفلاسفة.
قال محمد بن زكريا الرازي عن (1) أرسطا طاليس إنه زعم أن العالم كان عن الباري تعالى، لان جوهره وذاته جوهر وذات مسخرة للمعدوم أن يكون مسخرا موجودا.
قال: وزعم ابن قيس: أن علة وجود العالم وجود الباري.
قال: وعلى كلا القولين يكون العالم قديما، أما على قول أرسطو فلان جوهر ذات الباري لما كان قديما، لم يزل وجب أن يكون أثرها ومعلولها قديما. وأما على قول ابن قيس فلان الباري موجود لم يزل، لان وجوده من لوازم ذاته، فوجب أن يكون فيضه وأثره أيضا لم يزل هكذا.
قال ابن زكريا: فأما الذي يقول أصحاب أرسطا طاليس الآن في زماننا، فهو أن العالم لم يجب عن الله سبحانه عن قصد ولا غرض، لان كل من فعل فعلا لغرض كان حصول ذلك الغرض له أولى من لا حصوله، فيكون كاملا لحصول ذلك الغرض، وواجب الوجود لا يجوز أن يكون كاملا بأمر خارج عن ذاته، لان الكامل لا من ذاته ناقص من ذاته.
قالوا: لكن تمثل نظام العالم في علم واجب الوجود، يقتضى فيض ذلك النظام منه، قالوا: وهذا معنى قول الحكماء الأوائل: أن علمه تعالى فعلى لا انفعالي، وإن العلم على قسمين:
أحدهما: ما يكون المعلوم سببا له، والثاني ما يكون هو سبب المعلوم. مثال الأول أن نشاهد صورة فنعلمها، ومثال الثاني أن يتصور الصائغ أو النجار أو البناء كيفية العمل فيوقعه في الخارج على حسب ما تصوره.

(1) ب: (على).
(١٥٨)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175