شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٧٣
الموضع واضح، ولكن هذا الرجل كان يحب هذه الترهات، ويذهب وقته فيها، وقد استقصينا في مناقضته والرد عليه في كتابنا الذي أشرنا إليه.
فأما قوله عليه السلام: (كلما نجم منهم قرن قطع)، فاستعارة حسنة، يريد:
كلما ظهر منهم قوم استؤصلوا، فعبر عن ذلك بلفظة (قرن) كما يقطع قرن الشاة إذا نجم، وقد صح إخباره عليه السلام عنهم أنهم لم يهلكوا بأجمعهم في وقعة النهروان، وأنها دعوة سيدعو إليها قوم لم يخلقوا بعد، وهكذا وقع وصح إخباره عليه السلام أيضا أنه سيكون آخرهم لصوصا سلابين، فإن دعوة الخوارج اضمحلت، ورجالها فنيت، حتى أفضى الامر إلى أن صار خلفهم قطاع طريق، متظاهرين بالفسوق والفساد في الأرض.
[مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له] فممن انتهى أمره منهم إلى ذلك الوليد بن طريف الشيباني (1). في أيام الرشيد بن المهدى، فأشخص إليه يزيد بن مزيد الشيباني فقتله، وحمل رأسه إلى الرشيد، وقالت أخته ترثيه، وتذكر أنه كان من أهل التقى والدين، على قاعدة شعراء الخوارج، ولم يكن الوليد كما زعمت:
أيا شجر الخابور ما لك مورقا * كأنك لم تجزع على ابن طريف (2) فتى لا يحب الزاد إلا من التقى * ولا المال إلا من قنا وسيوف

(1) انظر ترجمة الوليد بن طريف في ابن خلكان 2: 179 (2) هي الفارعة بنت الوليد، من قصيدة طويلة، نقلها ابن خلكان في ترجمة الوليد، وقال: (وكان للوليد المذكور أخت تسمى الفارعة - وقيل فاطمة - تجيد الشعر وتسلك سبيل الخنساء في مراثيها لأخيها صخر، فرثت الفارعة أخاها بقصيدة أجادت فيها، وهي قليلة الجود، ولم أجد في مجاميع كتب الأدب إلا بعضها، حتى إن أبا على القالي لم يذكر منها في أماليه سوى أربعة أبيات، فاتفق أنى ظفرت بها كاملة فأثبتها لغرابتها وحسنها، وهي هذه). وأورد القصيدة ومنها أبيات في أمالي القالي 2: 284، واللآلئ 913، وتاريخ الطبري 10: 65، وشرح شواهد الغنى 55.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست